كتبت /دارين محمود
مراحل العمر ونظرتك للحياة،
في كل مرحلة زمنية من العمر،
نظرة إما تُهيب ظننا أو تترك أثراً؛ وكأنها مرآة تُقلّب الوجه.
في فجر السنين، كانت النظرة نداءً صافياً يُعانق الأفق دون حواجز. نظرة تهزم الظن بثقل الأيام، لأنها لا تعرف إلا بهجة الانطلاق وزخرف الأحلام الأولى. كان الأثر فيها وشماً من البراءة على جبين الزمن.
ومع اشتداد قوس الشباب، تحوّلت النظرة إلى شهاب حاد، يمزق ظلمة اليقين الساذج. هنا، تُهيب الظنون بالقلب، حين يكتشف أن صقيع الحقيقة أشد وطأة من وهج الأمل. الأثر المتبقي هو ندبة التجربة التي علمتنا كيف نُعيد بناء ما هدمته العواصف.
وعندما تترسخ أقدامنا في سهل النضج، تصبح النظرة نافذة هادئة تُطل على حقول من الصبر المعتّق. لا تهزها الظنون، بل تُروضها إلى حد التسليم الجميل. ترى الأثر لا في ضجيج الإنجاز، بل في همس التأمل ودفء اليد الممدودة.
وفي سكون المغيب، تُغدو النظرة أرشفة للضوء، تجمع ما تبعثر من أطياف الذكريات. نظرة تُهذّب آخر الظنون بأن الحياة تضيع، لتُدرك أنها كانت محض سلسلة من الهدايا المؤجلة. الأثر الأعظم هو أن ترى الحكمة وقد أشرقت أخيراً، لتُضيء الطريق لغيرك قبل أن يُسدل الستار.
فالنظرة هي المصباح، والأثر هو الزيت الذي يُبقيه مُشتعلاً عبر تعاقب الفصول.
