طرد جماعي لمسلمي آسام يثير الغضب في الهند: “أجانب على أرضهم!

كتبت ـ مها سمير
في مشهد يثير القلق ويعيد إلى الأذهان توترات طائفية قديمة، طردت السلطات الهندية آلاف المسلمين من منازلهم في ولاية آسام شمال شرق البلاد، بدعوى إقامتهم “غير القانونية” على أراضٍ حكومية.
ويأتي هذا التصعيد قبل أشهر من الانتخابات المحلية، ما دفع معارضين لاتهام الحكومة باستغلال الأزمة لتعزيز التأييد القومي والديني.
في منطقة جولبارا قرب الحدود البنغالية، يقيم المئات من الرجال والنساء والأطفال في خيام مصنوعة من المشمع، بعد أن هُدمت منازلهم بجرافات السلطات المحلية. وقال آران علي، أحد المتضررين البالغ من العمر 53 عاماً، وهو يقف على أرض ترابية أصبح يقيم عليها مع أسرته:
“نتعرض للمضايقة بشكل مستمر من الحكومة. يصفوننا بالأجانب، رغم أنني وُلدت هنا، على أرض آسام.”
بحسب تقارير حقوقية، تُعد حملة الإخلاء الأخيرة من أوسع العمليات في تاريخ الولاية، حيث طالت الآلاف من الأسر، وأغلبهم من المسلمين الناطقين بالبنجالية.
وتثير هذه الخطوة تساؤلات حول التوقيت السياسي، خصوصاً مع استعداد حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، لخوض انتخابات حاسمة مطلع 2026.
ويرى مراقبون أن الحملة جزء من توجه أوسع يروج له هيمانتا بيسوا سارما، رئيس وزراء ولاية آسام وأحد أبرز وجوه الحزب القومي الهندوسي، والذي صرّح علنًا بأن “التسلل غير الشرعي للمسلمين من بنجلاديش يشكّل تهديدًا لهوية الهند الثقافية والدينية”.
وفي منشور له على منصة “إكس”، قال سارما:
“نواجه دون تردد هذا التسلل الإسلامي غير المراقب، الذي أدى إلى تغييرات ديموغرافية خطيرة. في بعض المناطق، أصبح الهندوس على وشك التحول إلى أقلية.”
وتشير بيانات التعداد السكاني لعام 2011 إلى أن نسبة المسلمين في آسام بلغت نحو 30%، بينما قال سارما مؤخرًا إن النسبة قد تقترب من 50% خلال سنوات قليلة، مما زاد من الجدل حول ما إذا كانت هذه الإجراءات تستند إلى دوافع أمنية أم أيديولوجية.
وفي ظل تصاعد التوترات، اندلعت احتجاجات في بعض المناطق، وأدت إلى مقتل مراهق بنيران الشرطة، مما أثار موجة غضب في وسائل الإعلام المحلية ومنظمات حقوق الإنسان.
وبالرغم من الانتقادات، لم تُصدر حكومة الولاية أي تعليق رسمي إضافي على الحملة، كما لم ترد على طلبات وكالة رويترز للتعليق.
يذكر أن آسام تُعد واحدة من أكثر الولايات الهندية حساسيةً من حيث التركيبة السكانية، إذ تحدها بنجلاديش ويبلغ طول حدودها المشتركة أكثر من 260 كيلومتراً، وتاريخها حافل بالاضطرابات المرتبطة بالمهاجرين البنغاليين، سواء كانوا هندوسًا أو مسلمين.
ومع اقتراب الانتخابات، تتجه الأنظار إلى هذه الولاية، التي أصبحت ساحة لصراع الهوية والمواطنة والانتماء، وسط تصاعد المخاوف من أن تتحول سياسات الهدم والطرد إلى وقود للانقسام الاجتماعي والديني في البلاد.