د. إيمان بشير ابوكبدة
كشفت دراسة علمية حديثة عن تغيّرات عصبية لافتة تحدث في أدمغة مشجعي كرة القدم خلال متابعة مباريات فرقهم المفضلة، وهي تغيّرات تفسر كثيراً من مظاهر التعصّب والانفعالات الحادة التي تظهر لديهم أثناء الأحداث الرياضية.
ووفقاً للباحثين في تشيلي، فإن مشاهدة المشجع لمباراة فريقه المفضل تنشّط مناطق محددة في الدماغ ترتبط بالمشاعر والسلوكيات، سواء الإيجابية منها أو السلبية. ويُعدّ التعصب الكروي ظاهرة عالمية، إذ تتدرّج ردود أفعال المشجعين بين المتابعة الهادئة والانخراط العاطفي المفرط.
وأوضحت الدراسة أن المشجع يختبر طيفاً واسعاً من المشاعر خلال اللقاءات؛ فهو يحتفل عند تسجيل هدف، وينفعل أو يغضب عند الأخطاء التحكيمية أو تلقي فريقه هدفاً.
وللتعمق في فهم هذه الظاهرة، استخدم فريق البحث تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي لدراسة نشاط الدماغ لدى 61 مشجعاً بالغاً يشجعون فريقين بينهما منافسة تاريخية. كما تم قياس مستوى التعصب الرياضي من خلال مقياس يدرس شعور الانتماء والميل إلى السلوك العدائي.
وقد شاهد المشاركون 63 مقطعاً مصوراً لأهداف سجلها فريقهم، وأخرى سجلها الفريق المنافس أو فرق محايدة، ثم جرت مقارنة النشاط الدماغي خلال هذه المشاهدات المختلفة.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، عالم الأحياء فرانشيسكو زامورانو من جامعة سان سيباستيان، إن المنافسة «تعيد تشكيل توازن تقييم الدماغ وتحكمه خلال ثوانٍ»، مشيراً إلى أن تسجيل أو تلقي الأهداف يرافقه نشاط فسيولوجي واضح.
وبحسب زامورانو، فإن الانتصارات المهمة تنشّط دوائر المكافأة في الدماغ بدرجة أكبر مقارنة بانتصارات لا تحمل حساسية تنافسية. أما عند الهزيمة، فتُظهر القشرة الحزامية — المسؤولة عن التحكم المعرفي — انخفاضاً في النشاط، في محاولة من الدماغ للحد من الانفعالات، لكن هذا التثبيط يؤدي عملياً إلى تضخيم الاستجابة العاطفية بدل تهدئتها.
كما لاحظ الباحثون نشاطاً أكبر في نظام المكافأة عند تسجيل الفريق المفضل أمام خصم تاريخي، مقارنة بالتسجيل أمام فرق أخرى. وتبيّن أن هذه الاستجابة تكون أقوى لدى المشجعين الأكثر تعصّباً، ما يفسر السلوكيات الانفعالية المفاجئة أثناء المباريات.
وختم زامورانو بأن تهدئة المشاعر، أو الابتعاد مؤقتاً عن مصادر التوتر، يمكن أن يساعد المشجع على استعادة قدرته على التحكم في انفعالاته.
