ديني

الآن.. توافد الحجاج إلى جبل عرفات

د/ حمدان محمد

في هذا اليوم العظيم يشهد العالم الإسلامي أحد أعظم المشاهد الإيمانية وأجلّها، حيث بدأت وفود الحجيج بالتوافد إلى صعيد عرفات الطاهر، ملبّين نداء الخليل إبراهيم عليه السلام الذي أذّن في الناس بالحج، فأتوه رجالًا وعلى كل ضامرٍ من كل فجٍّ عميق.

وجبل عرفات.. ذلك الموضع المبارك الذي تقف عليه الأرواح قبل الأجساد، وتتزاحم فيه الدعوات والدموع، ويُعانق فيه العبد رحمة ربه، هو يوم الحج الأكبر الذي قال عنه النبي ﷺ: “الحج عرفة”. فكل من أدرك الوقوف بعرفة في وقته فقد أدرك الحج، ولو أدرك غيره وفاته عرفة فلا حج له ففي هذا اليوم تتجلى معاني التوحيد والخضوع والانكسار، يرفع الحجاج أكفّ الضراعة إلى الله، لا فرق بين غني وفقير، ولا بين أبيض وأسود، الكل في لباس الإحرام، الكل يرجو الرحمة والمغفرة، الكل يردد بصوت واحد: “لبيك اللهم لبيك”.

فإن الوقوف بعرفة هو أعظم ركن من أركان الحج، بل هو خلاصة الروحانية في هذا النسك العظيم، حيث تمتزج فيه مشاعر الخوف والرجاء، ويتجلى فيه معنى التوبة الصادقة، وتكتب فيه بداية جديدة لحياة طاهرة نقية، كيف لا وقد قال النبي ﷺ: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة”.

وفي هذا اليوم يتوحد المسلمون في زمان واحد ومكان واحد، يحيون سنة أبيهم إبراهيم، ويجددون العهد مع الله، ليخرجوا من عرفات وقد وُلدوا من جديد، كيوم ولدتهم أمهاتهم، كما وعد بذلك رسول الله ﷺ.

نسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم، وأن يكتب لنا الوقوف في عرفات، وأن يجعلنا من عتقائه من النار، وأن يعيد هذه المناسبة العظيمة على الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات.

اللهم اجعل عرفات لنا عرفًا، وامنحنا فيها عفوًا وغفرانًا ورحمتك التي وسعت كل شيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى