مقالات

سي السيد وعزومة رمضان… معركة البقاء!

بقلم السيد عيد

استيقظ سي السيد في اليوم الخامس، يوم العزومة الكبرى، وهو يشعر بشيء غير طبيعي في الهواء… شيء يشبه رائحة التوتر! نظر حوله، فوجد أمينة تتحرك بسرعة الصاروخ بين المطبخ والصالة، تحمل الأطباق كأنها تشارك في سباق ماراثوني.

— “فيه إيه يا أمينة؟ البيت مقلوب ليه؟” سأل سي السيد بحذر.

التفتت إليه أمينة بوجه يحمل مزيجًا من الحماس والتعب، وقالت:

— “إحنا عاملين عزومة النهارده! لازم كل حاجة تكون جاهزة قبل الفطار!”

بلع سي السيد ريقه وقال بتوتر:

— “طب ومين الضيوف؟”

— “أهلك وأهلي، وعيلة جارتنا أم محمد، وصاحبة أختي… حاجة بسيطة يعني!”

تجمد سي السيد في مكانه، وكأن أحدهم أخبره بأن فواتير الشهر زادت ثلاثة أضعاف. كيف تحولت وجبة الإفطار إلى حفل زفاف جماعي؟!

حاول أن يبدي اعتراضًا دبلوماسيًا:

— “طيب، مش كفاية العزومة اللي فاتت؟ إحنا لسه في أول رمضان!”

— “يا سي السيد، رمضان شهر الكرم والضيافة، مش شهر الأعذار!”

تنهد سي السيد وهو ينظر إلى مائدة الطعام التي كادت تغرق بالأطباق: محشي، كباب، كفتة، شوربة، سلطات، حلويات من كل شكل ولون… كأن أمينة تخوض معركة لإثبات أنها أفضل طاهية في الحي!

وعند لحظة الأذان، بينما بدأ الجميع في تناول الطعام بشهية مفتوحة، كان سي السيد يحدق في المشهد أمامه بحسرة: “كل هذا الطعام، ولكن لا أستطيع الأكل بحرية! إذا ملأت طبقي، سيقال عني جشع، وإذا أكلت قليلًا، سيقال أني غير راضٍ!”

وبعد الإفطار، عندما غادر الجميع وهم يثنون على “كرم الضيافة”، جلس سي السيد أخيرًا، ينظر إلى جبل الصحون المتراكمة في الحوض، ثم إلى أمينة التي تستعد لجولة التنظيف القادمة، وقال بحسرة:

— “طيب… مين هيعزمني أنا؟!”

ابتسمت أمينة وقالت وهي تمد له إسفنجة الغسيل:

— “جبرًا لخاطري… عزومة الليلة على حضرتك!”

وهكذا، أدرك سي السيد أن العزومات الرمضانية ليست مجرد كرم… بل اختبار حقيقي للصبر، والتحمل، والنجاة بأقل الخسائر!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى