مقالات

الأحزاب السياسية في إسرائيل: تأثيرها على الكنيست وحرب في غزة

كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة

يتألف النظام السياسي في إسرائيل من ثلاث هيئات: السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، والسلطة التشريعية. يضم الكنيست، وهو السلطة التشريعية، 120 مقعدًا. وتجرى انتخابات الكنيست كل أربع سنوات على الأقل، إلا أن القانون الأساسي الإسرائيلي يسمح بإجراء انتخابات مبكرة. يصوت المواطنون الإسرائيليون للأحزاب السياسية بدلًا من أعضاء الكنيست الأفراد، وتفوز الأحزاب بعدد من المقاعد يتناسب مع نسبة الأصوات التي تحصل عليها. يتشاور الرئيس مع الأحزاب، ثم يفوض تشكيل حكومة (وكانت تعرف تاريخيًا بـ ائتلاف أحزاب) للشخص الأكثر قدرة على ذلك. ولا يشترط أن يكون هذا الشخص زعيم الحزب الفائز، فالفشل في تشكيل ائتلاف يعني انتقال فرصة تشكيل الحكومة إلى شخص آخر.

المشهد الحزبي في إسرائيل: انقسامات وتكتلات
تتوزع الأحزاب الإسرائيلية على أطياف سياسية واسعة، من اليمين المتطرف إلى اليسار، مرورًا بالوسط والأحزاب الدينية والعربية. أبرز هذه الأحزاب في المشهد الحالي تشمل:
الليكود (يمين): بقيادة بنيامين نتنياهو، وهو الحزب المهيمن على الائتلاف الحكومي الحالي. يتبنى مواقف متشددة بشأن الأمن والقضية الفلسطينية والاستيطان.
القوى الدينية القومية والمتشددة (يمين متطرف): مثل حزب “الصهيونية الدينية” و”عوتسما يهوديت”، التي تلعب دورًا محوريًا في الائتلاف الحكومي الحالي. تتميز بمواقفها المتشددة جدًا تجاه الفلسطينيين، وتدعو إلى توسيع الاستيطان ورفض أي حل سياسي يقوم على أساس الدولتين.
أحزاب الوسط: مثل حزب “يوجد مستقبل” بقيادة يائير لبيد و”الوحدة الوطنية” بقيادة بيني غانتس (الذي غادر الحكومة مؤخرًا). تميل هذه الأحزاب إلى مواقف أكثر اعتدالًا نسبيًا، وتدعو إلى حلول سياسية للصراع مع الفلسطينيين، وإن كانت تتفق على ضرورة الحفاظ على أمن إسرائيل.
أحزاب اليسار: مثل حزب العمل وحزب ميرتس (الذي اندمج مؤخرًا ضمن “الديمقراطيون”). شهد اليسار الإسرائيلي تراجعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، لكنه يظل يدعو إلى حل الدولتين والتسوية السلمية.
الأحزاب العربية: تمثل أقلية كبيرة في الكنيست، وتتبنى مواقف تدعم حقوق الفلسطينيين ومطالبهم، وتسعى إلى تمثيل المواطنين العرب في إسرائيل.

تأثير الأحزاب على الكنيست
يُعد الكنيست الساحة الرئيسية لصراع وتوافق هذه الأحزاب. فلتشكيل حكومة مستقرة، يتطلب الأمر غالبًا بناء ائتلافات معقدة بين عدد من الأحزاب. هذا يؤدي إلى:
التحالفات الهشة: غالبًا ما تكون الحكومات الائتلافية في إسرائيل هشة، وتعتمد على توازن دقيق بين مصالح الأحزاب المكونة لها. أي خلاف كبير يمكن أن يؤدي إلى انهيار الائتلاف وإجراء انتخابات مبكرة.
المساومات السياسية: للحفاظ على الائتلاف، تضطر الأحزاب إلى تقديم تنازلات لبعضها البعض، مما قد يؤثر على صياغة القوانين والسياسات. على سبيل المثال، تؤثر الأحزاب الدينية بشكل كبير على القوانين المتعلقة بالدين والدولة.
الاستقطاب: أدى تزايد قوة اليمين المتطرف إلى تعميق الاستقطاب داخل الكنيست والمجتمع الإسرائيلي، ما يجعل التوصل إلى توافقات وطنية حول قضايا حاسمة أكثر صعوبة.

تأثير الأحزاب على حرب غزة
تجلت مواقف الأحزاب وتأثيرها بشكل واضح في سياق الحرب على غزة التي اندلعت في أكتوبر 2023:
وحدة وطنية مؤقتة: في بداية الحرب، تشكلت حكومة طوارئ ضمت أحزابًا من اليمين والوسط، في محاولة لإظهار جبهة موحدة في مواجهة التحديات الأمنية. هذه الوحدة عكست إجماعًا مبدئيًا على ضرورة الرد بقوة على أحداث 7 أكتوبر.
تصعيد المطالب المتشددة: الأحزاب اليمينية المتطرفة داخل الائتلاف الحكومي مارست ضغوطًا كبيرة لتبني سياسات متشددة في غزة، مثل رفض إدخال المساعدات الإنسانية الكافية، والدعوة إلى إعادة الاستيطان في القطاع، ورفض حل الدولتين، وبعضها طالب بتهجير سكان غزة.
تأثير على قرارات الحرب: أثرت هذه الضغوط على قرارات الحرب، بما في ذلك طبيعة العمليات العسكرية وأهدافها، والتعامل مع قضية الأسرى والرهائن. فالحكومة الحالية، التي تعتمد على دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة، تبنت نهجًا عسكريًا صارمًا.

الانقسام 
هناك خلافات حادة بين الأحزاب حول “اليوم التالي” للحرب في غزة. فاليمين المتطرف يرفض أي دور للسلطة الفلسطينية في القطاع، ويدعو إلى سيطرة إسرائيلية أو حلول تتضمن وجودًا إسرائيليًا دائمًا. بينما يميل الوسط واليسار إلى قبول دور للسلطة الفلسطينية “المجددة” في سياق رؤية حل الدولتين.

الضغوط الدولية والداخلية: تواجه الحكومة ضغوطًا دولية متزايدة لوقف إطلاق النار وتسهيل دخول المساعدات، بالإضافة إلى ضغوط داخلية من أهالي الأسرى للمطالبة بصفقة تبادل شاملة. هذه الضغوط تضع نتنياهو في مأزق بين الحفاظ على ائتلافه المتشدد والاستجابة للمطالب المتزايدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى