أنهلك وفينا الصالحون؟

د/ حمدان محمد
قال تعالى( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) من الروم 41
وما أحوجنا اليوم أن نتدبر هذه الآية ونتأمل معانيها في ظل واقع يعج بالمنكرات ويفتقر إلى وازع ديني وأخلاقي وكأن الناس نسوا أو تناسوا أن لله جنودا لا يعلمها إلا هو يسلطها متى شاء ويحبسها متى شاء ويذكر بها متى شاء ولقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على زينب رضي الله عنها وهو يقول *ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بين إصبعيه فقالت له زينب أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث*نعم إنه الهلاك العام حين تعم المعاصي ويستسلم المجتمع للشرور فلا ينكر المنكر ولا يؤمر بالمعروف حين يرفع صوت الفساد ويخرس صوت الإصلاح وتغيب التربية ويحل التسيب وتضيع القدوة وتهمش القيم ويتخذ الدين شعارا لا منهجا فإنه من السنن الإلهية في الأمم أن الهلاك لا يستبعد حين يكون الخبث ظاهرا والقلوب قاسية والألسن ساكتة عن الحق كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه
فماذا نرى اليوم؟
تفكك أسري وانحلال أخلاقي وسوء أدب مع الله ورسوله وفجور في الخصومة وانشغال بتوافه الأمور وترك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى غدت الجرائم ترتكب على الملأ والمعاصي تبث وتروج بلا وازع من ضمير ولا رادع من قانون وكأن الناس لا يخافون الله إلا ما رحم ربي
بل الأعجب أن ترفع راية الباطل بلا خجل ويستهزأ بالملتزمين ويحارب المصلحون وتقصى القدوات ويحتفى بالمخربين
ولم يكن هذا جديدا فقد حكى الله عن بني إسرائيل فقال
(لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) المائدة 78 79
أيها السادة فوالله ما أحوجنا إلى وقفة صادقة نراجع فيها أنفسنا ومجتمعاتنا وأدوارنا كآباء وأمهات كمعلمين وخطباء كإعلاميين ومسؤولين علينا أن نعيد التربية إلى مسارها الصحيح نغرس في أبنائنا الخوف من الله والاحترام للوالدين والصدق في التعامل والحياء في السلوك فنحن نحتاج إلى أن نعيش ديننا بصدق لا مجرد مظاهر أو شعارات فالدين ليس طقوسا نؤديها فقط بل سلوك يومي يضبط الأقوال والأفعال فهل نفيق قبل فوات الأوان؟
وهل نعود إلى الله قبل أن يقال لنا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون؟
أم ماذا! فلابد أن نفيق قبل فوات الأوان فالمصيبة عظيمة لكون الأمر في يوم القيامة إما الي جنه أو إلي نار
اللهم ردنا إليك ردا جميلا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا واجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر