“تمسح يا عم… تلمّع يا بيه؟” حكاية من فوق الكرسي… ومن على الرصيف

يقلم السيد عيد
في موسم الانتخابات، تتحول شوارعنا إلى كرنفال كبير… مرشحون في بدل مكويّة، يوزعون الوعود كما توزّع كراتين الزيت والسكر، ومواطنون يمشون بين اللافتات يتساءلون: “هو ده كان معانا في الدايرة؟ ولا جاي يتفسّح؟”
وفي وسط الزحمة دي، أنا “راضي”، ماسح أحذية من ساعة ما الدنيا ما كانش فيها غير تراب وشمس.
قاعد على نفس الرصيف اللي مرّت عليه كل أنواع الوجوه: الموظف الغلبان، الباشا اللي نازل من العربية الألماني، والمرشح اللي نسي الطريق خمس سنين، وفجأة افتكر إن له دايرة وشعب.
واحد منهم، نازل يرشح نفسه، جه عندي وقال:
“يا أستاذ راضي، أنا شايفك كل يوم شغال وبعرق… إنت رمز الكفاح!”
فقلت له: “تسلم يا بيه… بس ما تسحبش الكرسي وانت ماشي!”
ضحك، ومد رجله عشان أمسح له الجزمة… وطلب من المصور يلقط له لقطة:
“المرشح وسط الناس… راجل شعبي!”
بس بعد الصورة؟ لم يعطيني حتى بقشيش.
تاني يوم، واحد تاني، لابس بدلة بتلمع من أول الشارع، قال بصوت عالي:
“أنا جاي أخدم، مش عشان منصب!”
وقعد يوزّع منشورات مطبوعة، وشهادات حُب جاهزة.
لكن ولا كلمة عن الصحة، ولا التعليم، ولا عنّا إحنا اللي قاعدين على الرصيف.
من فوق الكرسي، بيقولوا “معًا نبني مصر!”
ومن عندي، على الرصيف، أنا شايف إنهم بس بيبنوا صورهم، مش البلد.
هم بيتمسحوا فينا وقت الانتخابات… وإحنا اللي بنمسح تراب الشارع بعد ما يمشوا.
الناس اللي بتلمّع مش جزم… بتلمّع مناصب.
وبتقول لأي مرشح مهما قال: “كلامك ده من ذهب!”
حتى لو كان كلامه ورق فاضي مكتوب بالخط العريض: “نعدكم… بالاهتمام.”
أما أنا؟
أنا باهتم إزاي أمسح الجزمة صح.
لأني عارف، الجزمة لو ما تلمّعتش كويس… ما حدش هيمشي بيها،
زي المرشح، لو ما اتلمّعش إعلاميًا، مش هيكسب.
وفي الآخر؟
سؤال بسيط بس مُحَرّج شوية لكل سيادة مرشح:
تحب تلمّع جزمتك؟ ولا صورتك؟ اللي من أيام الحملة اللي فاتت لم نشاهدها ؟