عبد القادر الجزائري

 مريم أحمد

في السادس من سبتمبر عام 1808 وُلد البطل عبد القادر الجزائري، ذلك الرجل الذي كرّس حياته من أجل تحرير وطنه من الاحتلال الفرنسي، وسجّل اسمه بحروف من نور في سجل القادة الوطنيين الأوفياء.

نشأ عبد القادر في قرية القيطنة بولاية معسكر، وبدأ في سن الخامسة تعلُّم القراءة والكتابة، وأتقن القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وهو في الثانية عشرة من عمره، ثم بدأ يُلقي دروسًا في الفقه وهو في الرابعة عشرة. سافر بعد ذلك إلى مدينة أرزيو، ثم إلى وهران حيث تتلمذ على يد كبار علمائها، ومنهم الشيخ أحمد بن الخوجة، واطّلع على علوم الفلسفة والجغرافيا والرياضيات. ثم تزوّج من ابنة عمه.

سافر مع والده إلى تونس، ثم إلى الإسكندرية، وأُعجب كثيرًا بالنهضة التي شهدتها مصر في عهد محمد علي، قبل أن يُكملا رحلتهما إلى الحجاز لأداء فريضة الحج.

في 5 يوليو 1830، دخلت القوات الفرنسية الجزائر دون مقاومة تُذكر، ولكن سرعان ما اشتعلت شرارة المقاومة الشعبية، فكانت المرحلة الأولى من التجار والعلماء، والثانية من الشيوخ ورؤساء القبائل، أمّا المرحلة الثالثة فكانت بقيادة شخصيات عظيمة مثل الأغا محيي الدين ونجله الأمير عبد القادر.

في 27 نوفمبر 1832، بايع الشعب الجزائري الأمير عبد القادر البيعة الخاصة في سهل غريس، ولُقِّب حينها بـ”ناصر الدين”، ثم جاءت البيعة العامة يوم 4 فبراير 1833، حيث خطب في الناس بمسجد معسكر.

أولى خطواته بعد المبايعة كانت تنظيم الدولة سياسيًا، فأسّس حكومة جديدة، وبنى جيشًا قويًا. خاض معارك عدّة من أجل تحرير الوطن، منها: معركة مستغانم، معركة السكاك، معركة التافنة، غابة كرزاز، موقعة الزمالة، جبل كركر، ووادي الهرهار.

وفي 26 فبراير 1834، عقد معاهدة مع القائد الفرنسي ميشيل عُرفت بـ”معاهدة دي ميشيل”، نصّت على عدم اعتداء الأمير على المناطق الخاضعة للفرنسيين، وإعادة الأسرى، واحترام الدين الإسلامي، وحرية تنقل الفرنسيين في الأراضي الجزائرية بشرط الحصول على ترخيص من الأمير.

قضى عبد القادر الجزائري عمره في الجهاد والدفاع عن وطنه، حتى اضطر إلى الاستسلام عام 1847 بعد صراع طويل، فنُفي إلى فرنسا خمس سنوات، ثم أُطلق سراحه عام 1852، وانتقل إلى دمشق حيث عاش بقية حياته، يُعلّم الطريقة القادرية، وهي إحدى الطرق الصوفية.

توفي الأمير عبد القادر في 24 مايو 1883، ودُفن إلى جوار الشيخ محيي الدين بن عربي. وفي عام 1966، نُقلت رفاته إلى مربع الشهداء في الجزائر تكريمًا له.

Related Posts

الحقيقة الكاملة وراء فضائح بلوجرز التيك توك وآخر التطورات في مصر

كتب : جمال حشاد  في السنوات الأخيرة، أصبح التيك توك منصة لصناعة النجوم بسرعة البرق، حيث يظهر “بلوجرز” بين ليلة وضحاها ليحققوا شهرة واسعة ومكاسب مالية ضخمة. لكن وراء هذه…

المتحف القومي للحضارة المصرية (متحف الحضارات)

كتب: جمال حشاد   المتحف القومي للحضارة المصرية (متحف الحضارات) الواقع في الفسطاط بالقاهرة، يتبع العرض التاريخي للمتحف من التأسيس حتى اليوم، مع صورة للبناء في الأعلى:  نظرة شاملة: المتحف القومي…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *