
د. إيمان بشير ابوكبدة
في شتاء عام 2019، وفي خضم محادثات نووية حساسة، شرعت الولايات المتحدة في عملية سرية للغاية في كوريا الشمالية، بهدف زرع جهاز تنصت على الزعيم كيم جونغ أون. كُلفت بهذه المهمة وحدة “السرب الأحمر” التابعة لفريق القوات الخاصة البحرية 6، وهي نفس الوحدة التي نفذت عملية قتل أسامة بن لادن. كان الهدف هو تزويد واشنطن بمعلومات استخباراتية حاسمة لتعزيز موقفها التفاوضي.
مهمة سرية وخطرة
خرجت فرقة الكوماندوز الأمريكية في ليلة باردة على متن غواصتين صغيرتين من غواصة نووية ضخمة، وتسللت نحو شاطئ صخري في كوريا الشمالية. كانت الخطة دقيقة، وتعتمد بشكل كبير على التسلل الصامت والسرعة لتجنب الكشف، خاصة في ظل ضعف الاتصالات وصعوبة الحصول على صور حية للموقع.
كانت المهمة محفوفة بالمخاطر، حيث كان من الممكن أن يؤدي أي خطأ إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق. كان الفريق يعتمد على معلومات استخباراتية مسبقة تشير إلى أن الشاطئ سيكون خالياً من أي وجود بشري في ذلك الوقت من الليل.
مواجهة غير متوقعة
بمجرد وصول الفريق إلى الشاطئ، وقعت سلسلة من الأخطاء التي أدت إلى فشل العملية. في البداية، توقفت إحدى الغواصتين الصغيرتين في وضع خاطئ، مما دفع أحد أفراد الفريق إلى تشغيل محركها لتصحيح الوضع، وهو ما أحدث صوتاً أثار الشكوك. بعد أن وصل الكوماندوز إلى الشاطئ، تفاجأوا بوجود قارب صغير يحمل على متنه ثلاثة أشخاص.
في ظل الظلام، وسعياً لتجنب الكشف، أطلق عناصر الكوماندوز النار على القارب. اتضح لاحقاً أن من كانوا على متنه لم يكونوا جنوداً، بل مدنيين يغوصون بحثاً عن المحار.
فشل المهمة وعواقبها
بعد هذه المواجهة الدامية، اضطر الفريق الأمريكي إلى التراجع بسرعة دون إتمام مهمة زرع جهاز التنصت. سحبوا الجثث لإخفائها، وأرسلوا إشارة استغاثة للغواصة الأم، التي قامت بانتشالهم بسرعة وغادرت المنطقة.
لم يتم الكشف عن هذه العملية علناً من قبل أي من البلدين. ورغم ذلك، لم تنجح القمة النووية التي عقدت بين ترامب وكيم بعد ذلك بوقت قصير، واستأنفت كوريا الشمالية تجاربها الصاروخية. تسلط هذه القصة الضوء على مدى تعقيد العمليات السرية وخطورة التخطيط الاستخباراتي في بيئات شديدة الحساسية. كما تظهر أن النوايا الحسنة أو الأهداف الاستراتيجية لا تضمن دائماً النجاح، وأن أبسط الأخطاء قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة.