ديني

الإسلام يجمعنا.. فلماذا نصنع الفرقة بأنفسنا؟

د/حمدان محمد
انتشرت صور دخول الشيخ محمد حسين يعقوب إلى الجامع الأزهر، وأثارت جدلًا وكأن الرجل جاء من ديانة أخرى! لماذا كل هذا التعجب؟ أليس الأزهر بيت كل مسلم؟ أليس هو منبر العلم والدين؟ الحقيقة أن هذا الجدل يكشف أزمة كبيرة في فهمنا للدين، وكأننا نصنع لأنفسنا تفرقة بين المسلم والمسلم!
يقول الله تعالى: “هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ” [الحج: 78]، فكلنا مسلمون، لا فرق بيننا إلا في التقوى والعمل الصالح، وليس في الألقاب أو الاتجاهات. الفروق الحقيقية بين العباد لن تظهر إلا يوم القيامة، حين يُعرض كل إنسان بعمله، لا بانتمائه ولا بمكان دراسته ولا بالمساجد التي يدخلها.
وحتى لو وُجد اختلاف في بعض الأمور أو المسميات، فهذه المسميات دخيلة علينا، والأصل أننا مسلمون، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله. الإسلام لم يأتِ ليُفرّق الناس إلى جماعات متنازعة، بل ليجمعهم على التوحيد والطاعة، ويدعوهم إلى التعاون على البر والتقوى، لا التناحر والفرقة.
وما يزيد الأمر عجبًا أن البعض صار يقيس إسلام الناس بناءً على تصورات شخصية أو انتماءات فكرية، وكأن الإسلام يُمنح أو يُسلب بناءً على رضا الناس! وهذا خطر عظيم، فالإسلام ليس ملكًا لأحد، وليس حكرًا على جماعة دون أخرى، بل هو دين الله الذي ارتضاه لعباده جميعًا.
ومن المؤسف أن البعض بدلاً من أن ينشغل بطاعته وعلاقته بالله، أصبح ينشغل بالحكم على الآخرين وتصنيفهم، متناسيًا أن الحساب عند الله وليس عند البشر، وأن المساجد لله، والأزهر لكل المسلمين، والمقياس الحقيقي عند الله هو الإيمان والتقوى، وليس الأسماء والشعارات.
فلننظر لأنفسنا أولًا، ولننشغل بما ينفعنا في دنيانا وآخرتنا، ولنترك الجدال العقيم الذي لا يُثمر إلا الفرقة والبغضاء. فالإسلام يجمعنا، فلماذا نصنع الفرقة بأنفسنا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى