سالي جابر
الدلافين لا تنام بالطريقة التقليدية التي نعرفها عند الثدييات الأرضية. أهم خاصية مميزة هي النوم بنصف دماغٍ فقط (Unihemispheric slow-wave sleep — USWS)، مما يسمح لها بالتنفس الطوعي والمراقبة البيئية أثناء فترات الراحة. هناك أيضاً فروق سلوكية بين البالغين والمواليد، ولا يوجد دليل قاطع على أن الدلافين تُظهر نمطَ نوم الـREM (أحلام) كالمألوف عند الثدييات البرية — أو أنه إن وُجد فشكله مختلف وصعب الكشف.
• USWS (Unihemispheric slow-wave sleep): حالة ينخفض فيها نشاط موجات الدماغ البطيئة في نصف كرة مخية بينما يبقى النصف الآخر بمرحلة يقظة أو نشاط كهربائي أقرب لليقظة.
• Logging (سطحية الطفو): سلوك يُلاحظ فيه أن الدلفين يطفو ساكناً على السطح كأنه “قطعة
• خشب” أثناء فترات الراحة السلوكية.
2- نمط النوم عند الدولفين:
أ- النوم بنصف الدماغ (USWS):
• سجلت تخطيطـات الدماغ (EEG) للدلافين تكرار حالات حيث تظهر موجات بطيئة في نصف كرة واحدة بينما تكون الأخرى أكثر نشاطاً، ممهِّدةً لتناوب فترات الراحة بين الجانبين. هذا النمط يمكّن الدلافين من الحفاظ على وظائف حيوية ضرورية (التنفّس الطوعي، الحركة، اليقظة).
ب- ارتباط حالة العين بحالة الدماغ:
العين المقابلة لنصف المخ النائم تميل لأن تكون مُغلقة بينما تبقى العين المقابلة للنصف اليقظ مفتوحة أو شبه مفتوحة، وهذا يساعد على مراقبة البيئة وتنسيق السباحة مع القطيع.
ج- أشكال الراحة السلوكية:
الدلافين قد:
• تطفو على السطح (logging) لتسهيل التنفس دون بذل مجهود كبير.
• تسبح ببطء أو تتابع شريكًا أثناء نوم نصف المخ.
• وفي بعض البيئات الضحلة تبادر للراحة على القاع ثم تصعد للتنفس عند الاحتياج.
3- هل لدى الدلافين نوم REM (نوم الأحلام)؟
حتى الآن، لا توجد أدلة EEG قاطعة على وجود نمط REM لدى الدلافين البالغة كما عند البشر والحيوانات البرية التي خضعت للدراسة. بعض الباحثين يقترحون أن REM قد يكون غائباً تماماً لدى الحيتانيات أو أنه ظهر بطريقة معدّلة لا تُكشف بسهولة بواسطة الأدوات التقليدية. هذا موضوع بحث مستمر.
4 – فروق عمرية — أمهات ومواليد؛
• المواليد: حديثو الولادة يظلون في حركة مستمرة قريباً من الأم (echelon swimming) لأنهم يحتاجون للمساعدة في الوصول لسطح الماء والتنفس. لذلك نمط النوم لديهم يختلف (لفترات أقلّ ووضعيات متابعة للأم)، وتبقى الأمهات يقظات بدرجة أعلى خلال الأسابيع الأولى.
5- مدة النوم وتوزيعه خلال اليوم:
• لا ينامون لساعات متواصلة طويلة مثل الإنسان؛ النوم مُجزَّأ على فترات قصيرة موزعة على مدار اليوم والليـل. التقديرات تختلف بين الأنواع والدراسات (بعضها يذكر مجاميع تتراوح تقريباً بين 4–8 ساعات في اليوم لدى بعض الأنواع/تقديرات ميدانية)، لكن المهم أن هذه الساعات ليست متصلة بل موزعة على نوبات USWS.
6- الأسباب التطورية :
• التنفس الطوعي: لا يمكن للدلافين الاعتماد على تنفّس تلقائي عميق أثناء النوم الكامل، لذا تحتاج نصف دماغ يقظ للتحكم بالنهج للسطح.
• المراقبة ضد المفترسات والحفاظ على التماسك الاجتماعي ضمن القطيع أثناء الراحة.
• تنظيم درجة الحرارة: التحرك الخفيف أو السباحة البطيئة أثناء الراحة يساعد على تخفيف فقدان الحرارة.
7- نتائج وملاحظات من دراسات حديثة:
نوم الدلافين مثال رائع على كيف تطوّر الكائنات حلولاً فسيولوجية مدهشة للتعامل مع حدود بيئتها (المياه والتنفس الطوعي والمفترسات). العلم عنده إجابات قوية حول الـUSWS، بينما تبقى أسئلة مفتوحة حول وجود REM أو صيغته المعدّلة، وتفاصيل الآليات العصبية والكيميائية التي تسمح بهذا السلوك.
مراجعات وأبحاث في العقد الأخير أكدت وجود USWS في عدة أنواع من الحيتانيات، ووسّعت فهمنا للآليات العصبية (بما في ذلك تغيّر إفراز النواقل العصبية أثناء USWS) لكن بقيت أسئلة حول وجود أو تعديل حالة REM وتباين السلوك بين الأنواع والبيئات. دراسات تحليلية وتجريبية (EEG، مراقبة سلوكية طويلة الأمد، قياسات كيميائية عصبية) تواصل العمل لإيضاح هذه النقاط.
