أحمد عبد العال بكرى
مؤخرًا بثّت Al Arabiya تسجيلات فتُظهر بشار الأسد في سيارة برفقة مستشارته السابقة لونا الشبل، وتضم محادثات خاصة من بينها سخرية من مناطق في سوريا مثل الغوطة الشرقية، من الجنود، ومن أوضاع البلاد.
في إحدى اللقطات، يُسمع الأسد يقول عبارته المثيرة “يلعن أبو الغوطة”، بينما تضحك الشبل، في مشهد أثار استنكارًا واسعًا.
رغم أن التاريخ الدقيق للتسجيلات يعود إلى جولة قديمة (حسب التقارير إلى عام 2018) وليس للحظة سقوط النظام؛ إلّا أن بثّها الآن أعاد فتح ملفات ماضي النظام بصورة حية أمام الرأي العام.
لماذا هذا التوقيت تحديدا؟
التسريبات تأتي في مراحل حساسة تمر بها سوريا: بعد سقوط النظام في 8 ديسمبر 2024، وبعد مرور ما يقارب عام على ذلك.
نشر هذه المقاطع الآن بالتزامن مع الذكرى يُعيد إلى الواجهة ذاكرة النظام وسياساته القمعية (سجن، تعذيب، اختفاء قسري …). يُظهر النظام السابق ليس فقط من خلال أفعاله، بل من خلال كلامه وسلوكه اليومي: ازدراء المواطنين، السخرية من معاناتهم، وكأنه يكشف مدى “فجور” السلطة حين كانت تمسك بزمام الحكم.
كما أن التسريبات قد توظّف بشكل متعمد أو غير في المعركة الرمزية والإعلامية بين مَن سبق أن دعم النظام ومَن يريد تأكيد جدوى الثورة أو التغيير.
المغزى السياسي والإجتماعي:
محاسبة رمزية ومعنوية: حتى إذا لم تُسوى كل الملفات القضائية للجرائم، فهذه التسجيلات تمنح ضحايا النظام وأقارب المختفين وكذلك المجتمع شعورًا بأن “الحقائق” تظهر حتى لو بعد سقوط النظام.
تشويه صورة النظام السابق نهائيًا: كثيرون رأوا في التسريبات دليلًا على أن النظام لم يكن فقط قمعيًّا في ممارساته، بل أيضًا بلا وازع أخلاقي تطاول على كرامة الناس، سخر من معاناتهم، بل من اسم بلد كامل. هذا يساهم في تقويض أي “نوستالجيا” أو دفاع عن حقبة الأسد.
رسالة داخلية وربما خارجية: تسريب كهذا في هذا التوقيت يمكن أن يكون إشعارًا لمن تبقّى من أنصار النظام أو فلوله بأن “العالم شاهد” وأن المستقبل قد يحمل مساءلة، سواء قانونية أو على مستوى المجتمع.
إعادة صياغة الذاكرة الجماعية: عبر هذه التسجيلات يُعيد المجتمع السوري والمهتمون بالشأن السوري رسم “صورة حقيقية” عن المرحلة الماضية، ليس فقط كأحداث وتواريخ، بل كإيماءات وسلوكيات كانت جزءًا من الحكم.
لماذا هذه التسريبات ليست مجرد تسلية إعلامية؟
لأنها وثيقة صوتية بصرية: أي إنها أقوى من مجرد مقال أو رواية تؤمّن ملامسة مباشرة (صوت، تعابير، لهجة) تُثبت أن الشخص المعني (بشار الأسد) نطق بهذه الكلمات.
لأنها تكشف أن القمع لم يكن فقط عمليًا (سجن — تعذيب — قتل) بل معنويًا، نفسيًا، أخلاقيًا: إذ يُظهر أن القيادة لم ترى في الناس بشرًا يستحقون الاحترام، بل سخرية واستهانة.
في سياق ما بعد النظام، هذه التسجيلات تصبح جزءًا من أرشيف العدالة التاريخية: قد تُستخدم لاحقًا في محاكمات، تحقيقات أو مجتمعات تُمضي قدمًا في كشف الحقيقة أمام الشعب.
ماذا يعني هذا للمستقبل فى سوريا ؟
من وجهة نظري (تحليل لا توقعات):
هذه التسريبات وستارات مماثلة قد تساهم في ضغط اجتماعي وقانوني لإعادة فتح ملفات جرائم ماضية حتى لو لم يُفلح النظام الجديد في كل شيء بعد.
ستعزز من هوية الذاكرة الجماعية؛ بمعنى أن الشعب السوري وخصوصًا الضحايا والمهجرين والمعتقلين سيبنون رواية واضحة لا تمحو بالوقت: “هنا من كان يحكم، وهنا ما فعله”.
لكنها أيضًا تفتح بابًا لـصراعات داخلية: من جهة من يريد الاستقرار والمصالحة، ومن جهة ضحايا يريدون عدالة ومحاسبة.
#الجزء_الأول
#تابعونا مع #الجزء_الثاني ما هى الدلالات الرمزية لتلك التسريبات ؟
