بقلم السيد عيد
في عالم لا تكفّ فيه الحياة عن السرعة، حيث تبتلع الأيام تفاصيلنا الصغيرة، تبقى رسائل البحر كالوشم على الجلد، تخبرنا أن الحب الحقيقي هو ذلك الذي يُكتب بلا حبر، ويُرسل بلا عنوان، لكنه يصل دومًا إلى القلب.
رسائل البحر ليست مجرد كلمات تُلقيها الأمواج على الشاطئ، بل هي أصداء الأشواق التي تتردد في أعماقنا، همسات العشاق الذين يختارون أن يعانقوا البحر بحثًا عن صمت يفهمهم.
هناك، حيث تتلاقى السماء مع الماء في أفق لا نهاية له، تنمو قصة حب لا تعرف حدودًا، حب يولد من النظرات العابرة، ثم يتحول إلى كلمات صامتة تكتبها الأمواج بين رمال الشاطئ.
في رسائل البحر، يكتب العشاق حكاياتهم على صفحات الزمن، يرسمون بأصابعهم دوائر على الموج، يرسلون قبلاتهم محمولة على نسائم المساء.
هي لغة لا تحتاج ترجمة، فكل موجة تحمل سرًا، وكل قطرة ماء هي دمعة فرح أو حزن، أمل أو انتظار.
يعلّمنا البحر في رسائله أن الحب ليس فقط لقاءً في أرض الواقع، بل رحلة روح، امتدادٌ لنبضين يشتركان في نفس الحلم.
هو اختبار للصبر، للوفاء، وللقبول بأن بعض الأحبة يبتعدون كي يعودوا أقرب، مثل المد والجزر الذي لا ينتهي.
حين تقرأ رسائل البحر، تشعر أنك تسبح بين الحروف، تغوص في عمق المشاعر، وتتأمل أن الحب رغم كل التحديات، يظل حاضرًا كنبض قلب لا يخفت.
هو ذلك الشعور الذي يزرع فينا أجنحة نطير بها فوق أمواج الحياة، نطير مع الحلم الذي لا ينضب.
رسائل البحر، في نهاية المطاف، هي شهادة على أن العشق لا يُقاس بالمسافات، ولا يُقيد بالزمان، بل يُكتب ويُرسل ويُحتفظ به في أعمق زوايا القلب، حيث لا يستطيع أحد أن يصل إليه سوى من كان يستحق.
فلنستمع معًا إلى رسائل البحر، ونترك قلوبنا تبحر في أفقها المفتوح، حيث الحب هو النهر الذي لا يجف، والقصيدة التي لا تنتهي.
