قطرات من الندى

بقلم / محمد مصطفى
في صحارى شاسعة تحمل في طياتها لغزًا يراه المستقبل، ويتوقعه كل من له إرث من الفكر ويمتلك فطرة الاستشفاف المحلَّى بالصبر، وحيث تتآلف حبات الرمال وتبني أمواجها الخاصة لتبهر الحالمين بالسعي خلف الحقائق الدفينة، لرسم حدود لوحة خضراء تتعانق مع هذا الفضاء الذهبي…
لا تجلبوا الشتلات، بل ترقّبوا منابع الندى والمطر وغيثكم، ودَعوا وجهتهم تتحدد من خلال نسيم مودتكم وتفانيكم،
حيث تكمن الحبوب التي قادها القدر، فرَسَت واستقرّت لأمر إلهي، كمستقرّ كنز غلامين حدثنا الذكر الحكيم عنهما،
حيث توارَت من زمهرير الانتظار المتربّص مع الأزمان كغُوَيٍّ مبين، ليضلل البراعم الكامنة بتلك الحبات كالأجنة تنتظر لحظة الميلاد.
وبمشيئة الله، وباليقين، وجهدكم الممتثل للعطاء، وفكركم الصاعد الممزوج بالخبرة البنّاءة والنشء المثقّف العابر من خلال أبصاركم، ستنثني الدروب تعانق خطواتكم وترسم دربها الخاص المختصر نحو أعالي جنان الفكر، لربط ما توارثتموه بما ستورثونه للأجيال المقبلة،
لاكتمال “موناليزتكم” التي تتدافعون على حياكتها لتسافر مع الأزمان المقبلة وتحكي عن قصة من حقيقة خيالية أبطالها قطرات من الندى.
وهناك بُعد آخر لا يُرى إلا من تدرّج الزوايا، للتأكيد والاطمئنان والارتياح، لأنّ النهايات لا يعلمها إلا الغيبيات،
وهو التدرّج الفكري والصدق، ومعاهدة النفس بالانتماء وبذل العطاء والترابط الداخلي،
والدليل قاطع في تماثل العلم والتجربة مع الأسس لكل الديانات السماوية التي يُستند إليها:
(بسم الله الرحمن الرحيم: كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة…) صدق الله العظيم.
وبهذا التضاعف المحاط بالوعد الإلهي، أعتقد أنّ تلك اللوحة ستتّسع وتصير محرابًا للعقول، وتتناسل منها التدفقات، وترى الأرواح الحالمة فيها شلالات من الخيال المحقَّق.
ومن خلال بُعدي الخاص، وثقتكم، ومنبركم، أدعو من خلالكم
نفسي، وكل من يرى نفسه مؤهّلًا لحمل مسؤولية الحرف، ويرى أن لونه الخاص له مكانة في تلك اللوحة التي ستحمل صدقه وموهبته، لذكرى ينشدها، فليهدِ نفسه الاستمتاع الذي يستحقه، مع كامل الاحترام لكل المبادئ السامية وآرائكم الموقّرة،
أساتذتي القائمين على تأسيس هذا الصرح الإعلامي: جريدة حديث وطن، وكل أصحاب الفكر الحر المبدع.