أميرة محمد
كاميل كلوديل النحاتة الفرنسية أخت الشاعر بول كلوديل.
قد يستغرب البعض أن أعرض اليوم لكاميل فهى ليست كاتبة أو شاعرة أو ناقدة ولكنها بنظري مبدعة بل طاقة إبداع وأنا ممن يعشقون الإبداع بكافة صوره والنحت عالم من الجمال و به تستطيع تحويل حجر أو طين مهمل إلى الجمال .
تعد..كاميل..من الفنانات التي تركت إرثا عظيما من الفن النحتي المعاصر وأطلق عليه _عصر النضوج
يعذبني دائما شىء غائب
عبارة نحتية شهيرة لكاميل ،كاميل التي قضت آخر ثلاثين عاما من عمرها في مصحة عقلية نتيجة لنوبات الجنون التي أصابتها وجعلتها تحطم أعمالها التي قامت بنحتها ….ما الذي يجعل إنسان مرهف الحس جميل التذوق هادي الطباع بارع الصنع أن يتحول إلى مجنون فاقد السيطرة على ذاته فيحطم أعمال بل تراث وإرث فني عظيم كهذا؟؟؟!!…
أرتعب من فكرة أني لن أحصد يوما ثمرة جهودي وأني سأموت هكذا في العتمة الكاملة
عبارة كانت دوما ترددها كاميل ،كاميل التي عاشت حالة من الألم والضياع والانكسارات النفسية وظهر ذلك في معظم أعمالها هذه الحالة كانت نتيجة علاقتها بالنحات الشهير…أوغست رودان..التي أمنت به وبفنه أكثر من نفسها فاثقل على روحها فلم تستطيع الخلاص منه ،وهو لم يستطع الخلاص من حياته فأدى بها إلى الجنون.
(هل يمكن أن أؤمن بإنسان إلى هذه الدرجة ،هل يمكن ألا أرى غيره،هل أراه الأول والأخير ثم هو لا يراني في المطلق إلا مجرد شىء )
كاميل لم تتوقف إلى هنا وحسب بل قام المخرج الفرنسي دومونت بإخراج تحفة فنية سينمائية تسمى….كاميل كلوديل….شارك في مهرجان برلين ورشح لجائزة الدب الذهبي وقدم أيضا المخرج نيوتن فيلما بحمل قصة حياة كاميل ويعرض لنا الحالة الإبداعية الجبارة لكاميل بكل تناقضاتها النفسية وما هي العلاقة بين النحات والمنحوتة وكيف كانت تحول الصخور والطين إلى آيه من الجمال تضفي عليها من روحها وحسها المرهف وطاقات الحب بداخلها ثم يعرض كيف تتحول هذه الطاقات إلى طاقة تدمير لأن معلمها النحات رودان كانت تراه عالما يحتضن روحها فتخلي هو بالاخير عن عالمها ليختار حياته فأدى ذلك إلى جنونها .يحصد هذا الفيلم جائزة أفضل ممثلة ..برلين…ويرشح لجائزتين أوسكار.
كلا من الفيلمين بينهم قاسم مشترك وهو النضوج الإنساني ما بين الحب والعاصفة .
أخيرا عرضت لجانب من حياة كلوديل لأنني تعاطفت معها إنسانيا كثيرا ،إنسانه خانتها كل الظروف وخذلها من أحبت ورفضها أهلها خوفا من نوبات مرضها،مرضها الذي جاء تصريح على ثورتها وتمردها ضد قلبها .ستظل كاميل كلوديل رمزا للإبداع الإنساني بكافة صوره ويظهر هذا بوضوح في أعمالها
