مقالات

مصر.. قرارات سيادية ورسائل قوة في مواجهة الضغوط الأمريكية

د/حمدان محمد

لطالما كانت مصر دولة صاحبة قرار وسيادة، لم تخضع للإملاءات الخارجية، ووقفت صامدة أمام محاولات الهيمنة، حتى من القوى الكبرى. وعلى مدار السنوات الماضية، اتخذت مصر عدة قرارات حاسمة أكدت استقلالية قرارها الوطني، ورسّخت مكانتها كدولة ذات سيادة لا تقبل التبعية لأي قوة دولية.

ففي عام 2012، ألقت مصر القبض على 19 جاسوسًا أمريكيًا كانوا يعملون تحت غطاء جمعيات أهلية وحقوقية، وجرى تسليمهم لاحقًا في صفقة تبادلية لاستعادة العالم المصري عبد القادر حلمي، خبير الصواريخ الذي احتجزته الولايات المتحدة. لم يكن هذا الحدث الوحيد الذي أظهر قوة القرار المصري، فقد واجهت الدولة المصرية العديد من التحديات، واتخذت مواقف حازمة في مواجهة التدخلات الخارجية.

ورفض قرارات أمريكا في الأمم المتحدة: وقفت مصر ضد القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، في موقف أثار تقديرًا عربيًا ودوليًا.

وقامت بتعزيز العلاقات مع كوريا الشمالية: رغم التهديدات والضغوط الأمريكية، حافظت القاهرة على علاقاتها مع بيونغ يانغ، مؤكدة أن سياستها الخارجية قرار مصري خالص.

وتم الانضمام لمحور القوى الكبرى: وسّعت مصر علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا والصين، وانضمت إلى تحالفات اقتصادية وسياسية تبتعد عن الهيمنة الأمريكية والغربية.

وتم إغلاق مكتب القمح الأمريكي في 2017: في خطوة مفاجئة، أغلقت مصر مكتب القمح الأمريكي، في رسالة قوية تفيد بأنها لم تعد تعتمد على المساعدات المشروطة.

وتم رفض عروض مشبوهة لوقف زراعة القمح: رفضت مصر عرضًا أمريكيًا وأوروبيًا بتزويدها بالقمح مجانًا لمدة 5 سنوات مقابل عدم التوسع في زراعته محليًا.

وتم تنويع مصادر السلاح: أنهت مصر الاعتماد الحصري على السلاح الأمريكي، واتجهت نحو شراء الأسلحة من روسيا، الصين، وفرنسا، لتعزيز استقلالية قراراتها العسكرية.

كما تم إلغاء امتيازات السفن الأمريكية في قناة السويس: في 2019، ألغت مصر الامتيازات الخاصة بالسفن الأمريكية في الممر الملاحي الأهم عالميًا، تأكيدًا على سيادتها الكاملة على القناة.

ولم تكتفِ مصر باتخاذ قرارات قوية، بل وجهت رسائل صريحة إلى الولايات المتحدة، كان أبرزها ما حدث في عهد أوباما، عندما تم تفتيش وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أثناء زيارته للقاهرة، في واقعة غير مسبوقة تعكس موقفًا مصريًا صارمًا.

كما قامت مصر بإرسال وزيرة التخطيط لاستقبال الرئيس الأمريكي، في خطوة رآها كثيرون رسالة دبلوماسية تعبر عن تعامل القاهرة مع واشنطن بنديّة وليس كطرف تابع.

ولم تقتصر الرسائل المصرية على الجانب السياسي والاقتصادي فقط، بل عززت القاهرة قدراتها العسكرية، ووجهت تحذيرات واضحة لكل من يحاول التدخل في شؤونها. وضعت مصر خطًا أحمر في ليبيا، وأكدت استعدادها للتدخل العسكري دفاعًا عن أمنها القومي، كما نفذت عمليات عسكرية خارج حدودها بدون إذن من أي دولة.

ما بين مواقف سياسية حاسمة، وقرارات اقتصادية جريئة، وتحركات عسكرية مدروسة، أثبتت مصر أنها قوة إقليمية مستقلة، تتخذ قراراتها وفق مصالحها الوطنية، وليس وفق الإملاءات الخارجية.

وفي عالم تتحكم فيه المصالح والقوى الكبرى، تظل مصر نموذجًا لدولة تسعى لتحقيق توازن دقيق بين التعاون الدولي، والحفاظ على السيادة والاستقلال، مع استعداد دائم للدفاع عن أمنها القومي بكل قوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى