بقلم السيد عيد
في حياة كلّ إنسان ظلّ،
يمشي معه، يراقبه، ويذكّره بما كان.
أحيانًا نراه طويلًا كأنه يحمل عنّا الحنين،
وأحيانًا يتقاصر حتى يختبئ في أقدامنا، كأنه تعب منّا ومن الطرق.
الظلّ لا يفارق صاحبه، لكنه يتغيّر معه.
كلما خسر شيئًا، صار أبهت.
وكلما اشتاق، طال كأنه يبحث عن شيءٍ بعيد لا يُرى.
ربما في أعماق كلّ واحدٍ منّا ظلّ يحنّ إلى لحظةٍ لم يعد لها مكان في الزمن.
نخفي وجعنا خلف الفلسفة، ونقول: “هكذا هي الحياة”.
لكن الحقيقة أننا نكتم أنينًا صغيرًا لا يسمعه أحد،
أنينًا يشبه ارتجاف الورق حين تمرّ به الريح،
أو شهقة الضوء قبل أن ينطفئ.
نضحك، ونتكلم، ونواصل الدوران في دائرة الأيام،
لكنّ شيئًا ما بداخلنا لا يتحرك.
كأننا نعيش، لكن في نصفنا فقط،
أما النصف الآخر فبقي في مكانٍ ما… حيثُ توقف كل شيء.
الظلّ لا يكبر، لكنه يشيخ.
يصبح أبطأ في المسير، وأعمق في الصمت،
يحمل ملامح الذين مرّوا، ودفء من غابوا،
ويترك فينا أثرًا يشبه الحنين، لا يُمحى، ولا يُفهم.
وفي نهاية اليوم، حين تنكسر الشمس وتغيب،
ننظر إلى ظلّنا طويلًا ونقول في سرّنا:
كم يشبه من رحلوا… وكم يشبهنا بعدهم.
