ملفات و تحقيقات

الفراشة في حرب أكتوبر ١٩٧٣

حموده امين حسين

في عالم الجاسوسية، تتكرر الأساليب وتتطور التقنيات، لكن تبقى بعض العمليات محفورة في الذاكرة لكفاءتها وجرأتها. “عملية الفراشة” واحدة من هذه العمليات، التي نفذتها المخابرات العامة المصرية باحترافية عالية، لتكون علامة فارقة في سجل العمل الاستخباراتي العربي.

الفراشة” هو الاسم الكودي الذي أُطلق على جاسوسة مصرية يُعتقد أنها استطاعت التسلل إلى قلب المجتمع الإسرائيلي تحت غطاء مدني، وتحديدًا في الأوساط التي تضم ضباطًا ومسؤولين إسرائيليين. وهناك من يربط الاسم بـ هبة سليم، أشهر جاسوسة مصرية مزدوجة عملت لصالح الموساد قبل أن تُخدع وتُعاد إلى مصر، لكن عملية “الفراشة” تختلف عنها تمامًا في الهدف والتفاصيل.

في بعض الروايات، كانت “الفراشة” فتاة ذات شخصية قوية، وذكاء لافت، جُندت من قبل المخابرات المصرية وتم تدريبها بعناية على أحدث تقنيات التجسس، وتم زرعها في أوروبا لتصل لاحقًا إلى إسرائيل، حيث جمعت معلومات حيوية عن مواقع عسكرية وخطط أمنية.

رغم أن التفاصيل الكاملة للعملية لا تزال طي الكتمان بسبب سريتها الشديدة، إلا أن ما تسرب منها يُظهر الآتي:

تم زرع “الفراشة” في مجتمع مستهدف عبر شخصية اجتماعية ساحرة.

استطاعت بناء علاقات مع ضباط كبار ومسؤولين استخباراتيين في تل أبيب.

استخدمت وسائل مبتكرة في نقل المعلومات، من بينها الأحبار السرية، والإرسال عبر موجات قصيرة، وأحيانًا حتى باستخدام رموز ضمن الرسائل الشخصية.

ساهمت المعلومات التي جمعتها في التحضير لحرب أكتوبر، وكشف نوايا العدو وتحركاته.

بحسب بعض المصادر، فقد انتهت عملية “الفراشة” بعد أن تم سحب الجاسوسة في التوقيت المناسب، دون أن تُكتشف. وهناك روايات أخرى غير مؤكدة تتحدث عن استشهادها في إحدى المهمات، أو اختفائها في ظروف غامضة.

عملية الفراشة تؤكد احترافية جهاز المخابرات العامة المصري، وقدرته على تنفيذ عمليات نوعية معقدة في أصعب البيئات. وتدل على أن الحرب بين مصر وإسرائيل لم تكن فقط في ميادين القتال، بل امتدت إلى عقول وأجهزة تجسس ماهرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى