ديني

جاءوا بالإفك

سامح بسيوني

أسمع صوتًا يقطر دمًا، فجاءوا بحادثة من الافك فيها من البهتان والكذب، وأعلنها كبير النفاق سلول بلا خجل أو ورع، ومعه مسطح وحسان غلبتهما النفس فخاضا ولكنهما ندما فعف الله عما سلف.

وأصبحت ام عبدالله تبكي على ربوةفملأت النهر بأدمع من الحزن ونبرات أنين أوقفت الطير في الهواء، وكأنه فقد جناحيه، فهو في شدة الخطر، وصوت يشتكي الله بعبرةوتحمحم؛ لأنها أتهمت في عرضها المنزه عن الشطط والريب، ومعها جارية تواسيها بكلمات هي اطيب من الطب، وفيها من جبر الخواطر لا يعلمها إلا رب الملكوت والقدر.

 ومعطل كان بريئًا،كبراءةالذئب من دم ابن يعقوب الكريم النسب،وكان عنده من الشهامة والمروءة والكرم فحملها على ناقته ولحق بالجيش ولم يكن بينهم حديثًا في الطريق أو سمر.

 

ورجعت المسكينة إلى الله تحكي لنا القصة وهي تتلو أيات من الذكر وتذكرنا بنبي الله ابن إسحاق عندما صبر ولم يجزع لأمر الله وامتثل للقدر.

فأنا عائشة بنت الأكرمين وزوج النبي العدنان أحمد، خرج في غزوة فضرب السهم بين زوجاته، فظفرت بالخروج دون نسوة النبي الأكرم.

فحملت على هودج يقطع الصحاري، ومعي ركب من خيرة الخلق كل آمالهم في الدنيا نصرة دين الله العزيز القاهر الصمد.

فنزلنا في موطن، ننصب فيه الخيم وننتظر العدو بعزيمة من الله الناصر لعباده المؤمنين الموقنين بالإيمان وبالقدر.

ففي ذات ليلة خرجت؛ لأقضي حاجتي، وبعد رجوعي، اكتشفت بأن عقد لي قد انفرط مني، كشرود الإبل في صحراء شاسعة الأمد، فكان رجوعي لا محال؛ لأجمعه فهو غال القيمة والثمن.

فلم انتهيت من أمري، جاءت ساعة الصفر، فأمر النبي الصحابة بأن يحملوني على الهودج، فجاءوا على الفور وكنت قليلة اللحم، فظنوا أنني بداخله، وانطلق الجمل، من غير أن يحملني، وتعثر الجمل، في

 بطء ملحوظ، وكأنه يريد أن يخبرهم بالأمر.

فرجعت إلى المعسكر، فأصبت بالقلق، فأصبحت وحيدة في الصحراء، كأم إسماعيل تبحث عن الأمل.

فكان صفوان قد تأخر عن الجيش، فلما رآني من بعيد عرفني بالسواد، ولم يلفظ بكلمة وأناخ لي الجمل، فأعناني الله وركبت، وفي الطريق كان الله شاهدًا ومطلعًا على عفاف وحياء يغطي الكون حلية من سندس يضيء لنا في كون واسع الأفق.

فلما اقتربنا من الجيش وكنا في ظهيرة من الوقت، والسماء تسطع بأشعة تنذر بأمر عظيم الجلل والأمر، رٱني كبير النفاق سلول، فرماني في عرضي وشرفي ببهتان اهتز له الكون، وكادت الأرض والسماء أن ينفطرن لشدة الهول ، وفخاض

 معه بعض من الخلق، ولم يراع كيف كان أبي يمد له يد العون والمساعدة بلا كلل أو ملل، فأقسم أبي الرقيق القلب بأن يمنع عطاياه لأنه لم يراع حق الرحم، ولكنه تراجع بعد عتاب لطيف من رب غفور رحيم بالبشر.

وظللت على هذا الأمر شهرًا، والوقت يمر ببطء كسحلفاة تسير في ارض فلاة بلا هدف، والنبي يستشير الصحابة في هذا الحادث الجلل، فمنهم من يربط على قلبه بعبارات فيها من العزاء والمواساة والصبر، وآخرون كان يرون الفراق هو الحل الأمثل.

فجاءت لحظات الفرج بعد ضيق نفد معه الصبر، فكانت البراءة من السماء بقرٱن يتلى إلى يوم الحشر، وكانت كل أمنيتي أن يأتي الفرج برؤية للنبي في منامه، ولكن الله عطاؤه يفيق كل توقعات البشر، فأنزل الله-عزوجل- قرٱنا يتلي إلى يوم البعث معلنًا ببراءة كان الشاهد فيها هو الله العدل الرحيم بالبشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى