مازن السيد
أثناء تصفحي لأحد المنتديات الفنية على الإنترنت، لفتت انتباهي لوحة غريبة ومختلفة.
كانت مرسومة بخطوطٍ زرقاء بسيطة، لكنها تحمل شيئًا عميقًا، كأنها تحكي قصة من دون كلمات.
فيها وجهٌ يختبئ بين أصابعه، كأنه متردّد بين الرغبة في الظهور والخوف من الانكشاف.
الأيدي التي تلتف حول الملامح لا تبدو مجرد تفصيلٍ شكلي، بل جدارٌ نفسيّ يحاول أن يحمي شيئًا في الداخل أو يخفيه.
أما العينان المرسومتان في الأعلى فبدتا كأنهما تراقبان بصمت، تتابعان ما يحدث من بعيد، في مشهدٍ يشبه المراقبة الذاتية أو الصراع الداخلي.
وفي أسفل اللوحة، يقف عصفور صغير، بسيط المظهر، لكنه يضيف لمسة أمل، وكأنه يرمز إلى الحرية رغم كل القيود.
هذه اللوحة لا ترسم وجهًا فقط، بل تعبّر عن حالةٍ إنسانيةٍ صادقة.
كل خطٍّ فيها يشبه شعورًا عالقًا، وكل مساحةٍ بيضاء تحمل كلامًا لم يُقال.
الأسلوب التجريدي جعل الرسم يبدو كأنه يتنفّس، كأنّ الخطوط نفسها تحاول أن تفهم ما بداخلها.
ما جعلني أُعجب باللوحة هو صدقها الهادئ.
هي لا تحاول أن تدهش، بل أن تصالح.
تُذكّرنا بأن الجمال لا يوجد دائمًا في الوضوح، بل أحيانًا في الغموض، في المساحات التي لا تفسَّر بسهولة.
وفي النهاية، تركت فيّ اللوحة سؤالًا لا يزال يدور في ذهني:
هل نحتمي من العالم، أم نحتمي من أنفسنا؟
ربما من كليهما…
لكن ما أنا متأكدٌ منه أن الفن لا يحتاج إلى تفسير، يكفي أن يجعلك تشعر بشيء.
