كتبت: مريم أحمد
الدكتورة ريم بسيوني من أبرز الكاتبات اللاتي أعدن إحياء التاريخ المصري بروح أدبية راقية، ومزجن بين الفكر والعاطفة والتأمل الصوفي.
في روايتها «أولاد ناس» تأخذنا في رحلة إلى العصر المملوكي، كاشفةً تفاصيل حياة ذلك الزمن المليء بالأحداث، بينما تستكمل في «سبيل الغارق» سرد سقوط المماليك وتداعيات الكشوف الجغرافية، متناولةً قضايا تعليم المرأة والتحرر الاجتماعي في عصر الخديوي إسماعيل.
أما في «القطائع» فتروي تاريخ الدولة الطولونية، أول دولة مستقلة في مصر، من نشأتها إلى سقوطها، بأسلوب يمزج بين التوثيق والخيال.
لم يتوقف اهتمام ريم بسيوني عند التاريخ، بل امتد إلى الفكر الصوفي، حيث تناولت في «ماريو أبو العباس والغواص» سيرة الإمام الغزالي، وفي «البحث عن السعادة» قدّمت رؤية روحية حول مفهوم السعادة عند المتصوفة.
توضح الكاتبة كيف سلك كل منهم طريقه إلى الله؛ فـرابعة العدوية رأت السعادة في حب الله، وابن عربي علّمنا معنى الحب الإلهي، والغزالي جسّد الصبر والجهاد في سبيل المعرفة، أما أبو الحسن الشاذلي فكان نموذجًا للسالك الصابر الذي رأى أن الحرية الحقيقية هي صفاء القلب من شوائب الدنيا.
من خلال هذا المزج بين التاريخ والتصوف، تدعونا الدكتورة ريم بسيوني إلى إعادة النظر في مفهوم السعادة الحقيقي، الذي لا يتحقق بمال أو جاه، بل في السلام الداخلي ومعرفة الله والرضا بقضائه.
رحلتها الفكرية تذكّرنا بأن أعظم انتصارات الإنسان ليست في الخارج، بل في أعماق النفس، حيث تبدأ المعرفة وتنتهي الطمأنينة.
