أدعياء فقه الدليل بين الصدق والكذب

د. فرج العادلي
إذا قلنا: كتاب وسنة بفهم سلف الأمة نتج من ذلك وبكل سلاسة المذاهب الأربعة؛ لأنهم جمعوا النصوص، وأقوال الصحابة، ومذاهب التابعين، وحرروها وناقشوا وردوا على المذاهب الأخرى ثم دونوها ثم استقروا عليها، وكلما جاء قرنٌ زاد التحقيق والتدقيق …
وإذا جئت وقلت كتابٌ وسنةٌ وحذفت هذه المذاهب صار كتاب وسنة بفهمك أنت ! أيها المعاصر المسكين الفقير من غالب العلوم الضرورية والمؤهلات العلمية والملكات النفسية والفكرية بل والفطرية.
هذا ولا يعني حفظك الدليل أنك قادرٌ على الفقه والفتوى فكان الإمام أحمد مع جلالة قدره في علم الحديث لا يعُده بعض العلماء فقيها، تخيل!؟
فالأمر إذن ليس بكثرة الحفظ والرواية فتأمل.
بل كان ملك علم الحديث منذ نشأته إلى يوم الناس هذا يحي بن معين ولم يكن فقيها قط، ولا أفتى في حياته أبدا، لعلمه أن الفقه أمرٌ آخر والفتوى غير الفقه أيضا وإن كانت منه، فتأمل.
فاختلفوا في فقه أحمد المحدث الكبير الشهير الحافظ الأسطوري كما يقال، واتفقوا على فقه أبي حنيفة الذي لم يشتهر برواية علم الحديث !
مسألة أخيرة:
إن الفقيه قديما كان كأنه مجمع في زماننا، فتخيل أن المجمع يضم مثلا أعلم أهل الأصول وأعلم أهل الفقه واللغة والحديث والقراءات، والبلاغة والمنطق والحساب… ومعهم علماء يتقنون علوما أخرى لا حصر لها، كلهم مجتمعون كأنهم فقيه واحدٌ من فقهاء القرن التاسع مثلا، أما فقيه القرن الخامس مثلا فلا يدركه عشرون مجمعا، ولا تتخيل أن مجامع الأرض تصل لعلم أحمد ولا الشافعي ولا مالك ولا أبي حنيفة رضي الله عنهم جميعا ونحن معهم آمين.
فاعرف قدر نفسك وانتظم في سلك الأكابر ولا ترفع رأسك بجهل فتذهب منك ثم تندم.
ترك المذاهب فتنة، وينتج فكرا متخلفا أو متطرفا.