الأدب

رمشة عين تعني الموت ( شيخون ويعقوب) قراءة تحليلية لرواية واحة اليعقوب

كتبت/ سالي جابر

رحلة ممتعة تدور أحداثها عن واحة كل من يرمش جفن عينه يموت( تأكله أطفال البئر)، أُناس يعلمون بموتهم الحتمي عندما يهدم سور منزلهم الذي بحميهم، يسيرون في الطرقات ومعهم صمغ الجفون، أعواد عشبية لتثبيت أجفانهم وإلا حدث ما لا يريدون حدوثه.
الرواية: فانتازيا
الكاتب: عمرو عبد الحميد
دار النشر: عصير الكتب، يناير 2025
عدد الصفحات: 303

الفكرة والموضوع:

الرواية تحمل العديد من الأفكار مثل: الهوية، السعي نحو المعرفة، الحرية…يوسف في تلك الرواية اختار الخروج من الواحة ومقابلة العديد من التحديات والصعوبات لإيجاد حلولّا للواحة، ورغم ذلك كلن شجاعّا، ومع تطور الأحداث كان يبحث عن هويته، وعلاقته بهذا العالم الجديد، ودفعه الفضول والسعي نحو المعرفة إلى البقاء في المكان الجديد في حالة من ترقب الأحداث والبحث والجري وراء كل ما هو جديد، والتنقيب عن اي شيء بسيط يصله بمراده.

كل من غادروا الواحة كان عليهم الاختيار بين العزلة أو مواجهة العالم الخارجي، الواحة تعيش في حالة من الانعزال بينما العالم الخارجي محفوف بالمخاطر،. ومن الطبيعي أن العزلة آمنة إلا أنها ليست دائمًا الخل الافضل.

الرواية تطرح أسئلة فلسفية ونفسية أكثر مما تقدم إجابات، والكاتب لم يجعل القاريء متفرج بل جعله يفكر في مصير الواحة واهلها، ومدى تأثير البيئة في تشكيل قرارتهم.

• الحبكة والسرد:

تبدأ الرواية بيوسف الذي يحكي عن الواحة التي وُلد بها، وتسير الحبكة الدرامية حول الاستكشاف التدريجي للأسرار.
حيث:
– الغموض: مع بداية الرواية نجد الكثير من النقاط الغامضة، عالم مجهول، قوانين غير مألوفة.
– البحث عن الحقيقة: تبدأ مع التدرج في القراءة في ظهور
بعض الشخصيات مثل رزان ووالدة يوسف ووالده وإخوته، يبحثون عن الحقيقة.
– الاختيار والمواجهة: عند الاجتماع في الخصم السداسي كان على المختارين للمغادرة من الواحة إما الاختيار أو المواجهة لما يحدث
– النهاية: التفسير والإجابة عن بعض التساؤلات، مع ارك للعديد من الأسئلة دون تأويل، مما يعزز الجانب الفلسفي الرواية.

• أما السرد:
السرد كان غامضًا تدريجيًا حيث الكشف عن الأسرار،
ومشاركة يوسف في حل اللغز.
– الإيقاع والوتيرة: كانت الأحداث تسير وفق وتيرة متوازنة إلا في بعض الأحداث كانت تسير ببطء، ربما كان ذلك يساعد في تطور أحظاث الرواية حيث كشف الغموض تدريجيًا.
– عنصر التشويق: كان الكاتب يصف الواحة وصفًا دقيقًا مشوفًا مما يجعل القاريء وكأنه واحدًا من أهل الواحة.

• الشخصيات وأبعادها:

يوسف:
البعد النفسي: شخصية هادئة، فضولية، يسعى للمعرفة لكنه لا يملك مقومات هامة مثل بقية شخصيات الواحة. يمر بصراع نفسي بين الخضوع لقوانين الواحة وبين الرغبة في اكتشاف ما ورائها. مما يدل على شخصيته القلقة المتمردة، ويتطور من كونه شخص خائف متمرد إلى شخص مقدام يغير زمام الأمور.
البعد الفكري: يميل إلى التفكير التحليلي، ولا يكتفي، يمتلك رؤية مختلفة عن بقية سكان الواحة، حيث يرى أنه يمكن كشف الحقيقة، يفكر في الحرية على عكس من يرون أن في الواحة ملاذًا آمنًا لهم.

رزان:
البعد النفسي: شخصية عاطفية تحمل الحب والحنين للواحة وأهلها، لكنها تحمل الكثير من التفكير الواقعي أيضًا، وتلتقر الغوص في مجريات الأمور والتحليل كما يفعل يوسف، وهي أكثر الشخصيات تأثرًا بعد يوسف بما حدث في الواحة عند رؤية مجسم الواحة في القاعة الحجرية، وتحمل قوة نفسية ظهرت عند المساس بأهله وأخذها بالثأر من سيف .
البعد الفكري: ترى في الواحة مكانًا آمنًا، حيث أنها كانت قلقة بشأن المغادرة، لكنها عندما علمت أن القدر جعلهم بعبديش ن بعيدًا عنها استسلمت لذلك وحاولت إقناع يوسف بالبقاء مع جده.

حسام الطيب ( سيف):
البعد النفسي: كان حسام مترجمًا للنصوص القديمة، لكن رغم هدوءه ووجه الوديع إلا أنه تحمل بعد ذلك عندما وقع تحت تأثير سحر شيخون سريعًا عند محاولة فك طلاسم الكتاب، وكان له دورًا جوهريًا .
البعد الفكري: مثله مثل أي شخص يبحث عن المال والنجاح، وكان شخصًا ناجحًا عمليًا ومن أبرز المترجمين للنصوص القديمة.

الرسائل والرمزيات:

• واحة اليعقوب ربما ترمز إلى العزلة النفسية، والحدود الفكرية، والقيود المفروضة على أهلها، الحماية الزائفة حيث يرى أهلها أنهم في خطر خارج الواحة، ومع هذا لم يبحثوا عن مكان آخر؛ فحياتهم محفوفة بالخوف والمخاطر، وكأنها ( منطقة الراحة) والتي غالبًا الحصول على الشجاعة وتخطيها هو الأمان الحقيقي.
• حجر الزمير: النور الخفي داخل القلوب، والذي يمكن تقصيه لكن بصعوبة جمة واجتياز اختبارات كثيرة، وربما يرمز إلى القوة والسيطرة؛ لان من يملك الحجر لا يمكن الانتصار عليه، وهو أيضًا حل لمشاكل الواحة
• نبتة الماهورا: المتشابكة التي تحتاج إلى بيئة معينة لزراعتها، وتنمو سريعًا، ربما ترمز إلى الحقيقة التي تحتاج لأمور معينة عند تقصيها، وعند استوفاء ذلك الشرط تساعدك في الكشف عن بغيتك.

النهاية:

اعتقد ان النهاية مُرضية للقاريء، حيث انتهت بموت الجد يعقوب وموت شيخون( الذي اتحد مع الشيطان بالسحر لتحقيق أطماعه وفرض سيطرته) وانتقال أسرة يوسف ومعهم رزان إلى العالم الآخر حيث جد يوسف، ووجدوا حذاء يشبه أحذية أهل الواحة معلق في الغابة مما يدل على انتقال أهل الواحة إلى هنا.
لكن بعد مقتل شيخون والتخلص من أطفال البئر، وبعدما صار يوسف هو المنقذ للواحة وأهلها عندما قطع جفونه، ظهر نسل يعقوب وبعد السؤال :(من أنتما؟) قالوا ليوسف: “سيدنا خليفة يعقوب وقاهر شيخون”. يدل على رغبتهم في عدم التحرر من تقديس الأشخاص، ويعني أيضًا باحتمالية وجود بشر على أرض الواحة.

من الجميل الرائعة الاي أثارت انتباهي:
• أحيانًا يكون الغياب وسيلة أخرى للتعبير عن الحب، حتى لو بدا عكس ذلك.
• أدركت أن الفراق،. حتى وإن كان من أجل النجاة، يظل فراقًا مؤلمًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى