ديني

حسبي الله ونِعم الوكيل… دعاء يهز عرش الرحمن

أحمد حسني القاضي الأنصاري

في لحظات الظلم والضعف، لا يجد المؤمن ملجأ أعظم من التوجه إلى الله بالدعاء. ومن أبلغ ما يمكن قوله في هذه المواقف هو: “حسبي الله ونِعم الوكيل”. دعاءٌ يحمل في طياته التوكل الكامل على الله، والثقة التامة في عدله وقدرته، والتسليم المطلق لحكمه.

المعنى الحقيقي للدعاء

“حسبي الله” تعني أن الله وحده يكفيني، فلا حاجة لي بأحد غيره. و”نِعم الوكيل” تعني أنه خير من أتوكل عليه وأفوّض له أمري. هذا الدعاء ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو إعلان صريح بأن الله هو الملجأ والناصر والحامي.

موضعه في القرآن الكريم

ذُكرت هذه العبارة في القرآن في موقف عظيم بعد معركة أحد، حيث قال الله تعالى:

“الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانًا وقالوا: حسبنا الله ونِعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء” (آل عمران: 173-174).

فكان توكل الصحابة على الله سببًا في النجاة والسلام والفضل، رغم التهديدات والمخاوف.

في سنة النبي صلى الله عليه وسلم

قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:

“إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا: حسبنا الله ونِعم الوكيل” (رواه البخاري).

وهو دعاء يُقال عند الشدائد، عند خوف الإنسان من الظلم أو الضرر، أو حين تُغلق الأبواب في وجهه.

تحذير من سوء استخدام الدعاء

للأسف، بات كثير من الناس يستخدمون هذا الدعاء في غير موضعه، أحيانًا بدافع الحقد أو الغضب، دون إدراك لمعناه الحقيقي. وربما يُظلم به إنسان بريء، والدعاء يُردّ على قائله إن لم يكن على حق. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“اتقوا دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب” (متفق عليه).

فكيف إذا كانت هذه الدعوة تهز عرش الرحمن؟!

رسالة ختامية

“حسبي الله ونِعم الوكيل” دعاء عظيم، يجب أن يُقال بقلب صادق، ونية خالصة، وثقة لا تهتز في عدالة الله. لا يُقال على سبيل التهديد أو في مواقف تافهة، بل يُقال حين يشتد الظلم ويضيق الحال وتُغلق الأبواب، فيكون الله هو الكافي والنصير.

فلنحذر من الاستهانة به، ولنجعل منه لجوءًا نقيًّا إلى الله وحده، لا أداة غضب أو كراهية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى