الإجهاد العقلي

د. ياسمين عبدالله
في وسط الضغوط اليومية المتلاحقة، يصبح العقل في حالة عمل مستمر، لا يعرف الراحة، ولا يجد فرصة للهدوء.
هذا الوصف يلامس واقع كثيرين منا، حيث تتزاحم المهام، وتكثر المسؤوليات، وتتوالى التحديات بلا توقف،كل هذا يضع أذهاننا تحت ضغط متواصل يطلق عليه “الإجهاد العقلي” ذلك العدو الصامت الذي يسرق من الإنسان صفاء تفكيره وسلامه الداخلي دون أن يشعر.
ما هو الإجهاد العقلي؟
الإجهاد العقلي هو حالة من الإرهاق الذهني الناتج عن العمل المفرط أو التفكير المستمر دون راحة، وغالبا ما يصاحبها تراجع في التركيز، ضعف في الذاكرة، شعور دائم بالتعب، وانخفاض في الحافز والطاقة النفسية.
هذا النوع من الإرهاق لا يرتبط فقط بالمجهود البدني، بل هو نتاج تراكم الأفكار والضغوط والقلق والتوتر لفترات طويلة.
-أعراضه الشائعة:
1. ضعف التركيز وتشتت الانتباه.
2. نقص الحافز أو الشعور باللامبالاة.
3. مشاكل في النوم.
4. تقلبات مزاجية، مثل العصبية أو الحزن.
5. الإحساس المستمر بالإرهاق الذهني حتى بعد الراحة.
-أسبابه في حياتنا اليومية؛
-العمل لساعات طويلة دون فواصل.
-التفكير المستمر في المشاكل والضغوط.
-غياب التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
-التعرض اليومي للمشتتات الرقمية.
-الإفراط في التوقعات الذاتية والرغبة في الكمال.
-كيف نحمي أنفسنا من الإجهاد العقلي؟
-تحديد الأولويات: لا يمكن إنجاز كل شيء في وقت واحد. حدد ما هو ضروري وما يمكن تأجيله.
-ممارسة فترات “الصمت الذهني”: خصص يوميًا وقتًا بلا هاتف، ولا مهام، فقط جلسة صمت أو تأمل لراحة العقل.
-النوم الجيد: لا تعويض عن النوم. تنظيم النوم من أهم أدوات تجديد الذهن.
-ممارسة الرياضة بانتظام: حتى المشي البسيط يفرغ التوتر ويجدد النشاط العقلي.
-التحدث عما تشعر به: لا تحتفظ بكل شيء بداخلك، مشاركة الضغوط مع من تثق بهم تفرغ كثيرًا من الثقل.
-إيقاف جلد الذات: أنت لست آلة. التقدير الذاتي والرحمة تجاه النفس تحميك من الاستنزاف.
وأخيراً
فالإجهاد العقلي ليس مجرد تعب مؤقت، بل إن استمراره يُنهك الإنسان في صمته، ويطفئ بداخله حماسه وقدرته على العطاء. لذلك، علينا أن ننتبه لإشاراته المبكرة، وأن ندرب عقولنا على الراحة، كما نُدرّب أجسادنا على العمل.
فالراحة الذهنية ليست رفاهية… بل ضرورة لبقاء الروح متزنة والعقل حاضرا والقلب صافيا.