قعدة بلدي.. العالم يحتاج إلى “زرار” إعادة تشغيل

بقلم / السيد عيد
في لحظة شرود وأنا أقلب في “فيسبوك” بين صور القطط الناعسة والميمز الكئيبة التي تُضحكك أول 3 ثواني ثم تُعيدك إلى كآبة الطقس، خطر لي سؤال مصيري:
“هو ليه مفيش زرار ريستارت للبني آدمين؟”
يعني تخيل كده لو الواحد يقدر كل يوم الصبح يضغط زرار في دماغه:
ريستارت مع حذف الملفات المؤقتة، وتنضيف الكبدة من الهموم.
اللي عمل الموبايل عرف يحط فيه خيار اسمه “إعادة ضبط المصنع”، طب والإنسان؟
هو إحنا وحشين قوي كده؟ ولا لأننا ما بندفعش اشتراك شهري؟
أنا أفطر على رغيف يابس من الذكريات، وأتعشى على حسرة مغلفة بورق سوليفان.
البارحة، حاولت أشرح لابني أن “زمان كان فيه حاجة اسمها احترام الكبير”، لكنه قاطعني وقال:
“زمان إيه يا بابا؟ أنت كده بتتكلم عن عصر الديناصورات.”
قلت له: “آه، فعلاً… والديناصورات انقرضت، زينا بالظبط.”
مررت بجاري في السلم، نظر إليّ كأنني إعلان على يوتيوب يريد أن يتجاوزه،
قلت له: “صباح الخير”،
لم يرد
وكأنني سألته عن سعر برميل النفط مش بصبح عليه
تعالوا نضحك معًا على مصطلح “التواصل الاجتماعي”.
زمان كنا بنتواصل: جرس الباب، طبق كشري مشطشط، ووش بيضحك.
دلوقتي؟
تلاقي اتنين متجوزين بيكلموا بعض على الواتساب وهم قاعدين على نفس الكنبة!
كل شيء أصبح رقمًا:
عمرك؟ رقم
صحابك؟ فولوورز.
فرحتك؟ لايكات.
وجعك؟ بوست.
أين ذهب العشم؟ أين ضاعت القعدة البلدي اللي فيها شاي العصاري؟!
أنا مش بطالب كتير، بس نفسي في عطل عام نطفي فيه الدنيا 10 دقايق… نعيد تشغيلها.
نحذف منها: البشر اللي بيتكلموا عن الأخلاق وهم بيشحتوا رشوة.
البرامج اللي بتصرخ أكتر ما بتشرح.
الكراسي اللي بتفضل ثابتة عليها نفس المؤخرات لعقود.
يا سادة، نحن نعيش في عصر “الكيبورد”،
الناس بتكتب مشاعرها على الشاشة، وتسيب قلبها في وضع الطيران.
أنا مش ساخط، أنا ساخر… والفرق بينهم زرار برضه، بس محدش بيضغطه.