مقالات

رحيل العلماء.. مصيبة تهتز لها الأمة

 د/حمدان محمد 

لا شك أن فقدان العلماء يعد من أعظم المصائب التي تحل بالأمة الإسلامية، فبرحيلهم ينقص العلم، وتُطفأ مصابيح الهداية، ويقل من يحمل لواء الدين ويبلغ رسالات الله إلى الناس. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك حين قال: “إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا، فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا” (متفق عليه).

فيتميز العلماء بمكانة عظيمة في الإسلام، فهم ورثة الأنبياء، يحملون مشاعل النور ليضيئوا طريق الحق للناس، ويرشدونهم إلى ما يرضي الله تعالى. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم” (رواه الترمذي). فبرحيلهم تخسر الأمة رجالًا كانوا سببًا في صلاحها، ومصدرًا للعلم والفتوى، ومدافعين عن عقيدتها.

وإن موت العالم لا يعوض بسهولة، فالعلم لا يُكتسب في يوم وليلة، بل هو تراكم سنوات من الاجتهاد والتدبر في كتاب الله وسنة نبيه. وقد رأينا كيف تأثرت الأمة الإسلامية برحيل علماء أفذاذ، كانت أقوالهم وأفعالهم نبراسًا للمسلمين. وما أن يموت أحد العلماء حتى يشعر الناس بفقده، إذ كانوا يجدون فيه المرجعية الدينية الصحيحة، والقول السديد في أمور دينهم ودنياهم.

ومن آثار فقد العلماء…

1. نقص العلم وانتشار الجهل: كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قلة العلماء تؤدي إلى شيوع الجهل، وظهور من يتصدرون للفتوى بغير علم، فيضلّون ويُضلّون.

2. اضمحلال الفهم الصحيح للدين: مع غياب العلماء الحقيقيين، تنتشر البدع والانحرافات الفكرية، ويجد أعداء الدين فرصة للتشكيك والطعن في الثوابت.

3. ضعف الأمة: العلم هو أساس نهضة الأمم، ورحيل العلماء يعني فقدان قادة الفكر والتوجيه، مما قد يؤدي إلى انتشار الفوضى والاضطراب.

وإن من الوفاء لعلمائنا أن نحرص على حفظ علومهم، ونشر مؤلفاتهم، وتربية أجيال من طلاب العلم الذين يحملون الراية من بعدهم. فبذلك نحفظ للأمة هويتها، ونحميها من الجهل والانحراف.

وفي هذا الزمن الذي تتسارع فيه الفتن، تزداد الحاجة إلى العلماء الربانيين الذين يوجهون الناس إلى الطريق المستقيم. فرحيلهم خسارة عظيمة، لكن عزاءنا أنهم تركوا إرثًا علميًا نافعًا، وطلابًا يحملون مشعل العلم من بعدهم.

نسأل الله أن يرحم علماءنا، وأن يبارك في أهل العلم الأحياء، ويجعلهم ذخراً للإسلام والمسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى