اغتصاب البراءة.. جريمة تهتز لها السماوات

د/حمدان محمد
في نهار رمضان، شهر الطهر والنقاء، وقعت جريمة تقشعر لها الأبدان، وتبكي لها القلوب، جريمة لا يقبلها دين ولا عقل، طفلة لم تتجاوز الثامنة من عمرها تعرضت لانتهاك عرضها بجوار سوق “إبني بيتك” في الحي العاشر. أي قلب هذا الذي تجرد من الإنسانية ليرتكب فعلًا شنيعًا كهذا؟ وكيف تسقط الضمائر إلى هذا الدرك من الإجرام؟
ولقد كرم الإسلام الإنسان، وجعل حفظ الأعراض من الضروريات الخمس التي جاء الدين لحمايتها، فقال الله تعالى:
“وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا” [الأحزاب: 58].
ولقد حذر النبي ﷺ من الاعتداء على الضعفاء، فقال: “اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة” (رواه ابن ماجه). فكيف بمن يعتدي على طفلة صغيرة، ويدمر براءتها، ويزرع في قلبها رعبًا لا يزول؟
فانهيار القيم.. الخطر الأكبر
وإن هذه الجريمة ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي مؤشر على خطر داهم يهدد المجتمع بأسره. فانتشار هذه الجرائم يدل على خلل أخلاقي وقيمي خطير، سببه غياب الوازع الديني، وانعدام الرقابة الأسرية، وضعف العقوبات الرادعة.
وإن رسول الله ﷺ حين جاءه رجل يستأذنه في الزنا، لم يكتفِ بتحريمه عليه، بل خاطب وجدانه بقوله: “أتحبّه لأمّك؟”، فلما أجاب بالنفي، قال له: “فكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم” (رواه أحمد). فأين هذا الحديث من نفوس من تجرأوا على أعراض الأطفال؟
ولكن لابد أن نعلم أن المجتمع مسؤول.. والردع واجب
وإن التصدي لهذه الجرائم مسؤولية الجميع، ويجب أن يكون هناك:
1. تشديد العقوبات القانونية: بحيث تكون رادعة بحق من يعتدي على الأطفال، حتى يكونوا عبرة لمن تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الفظائع.
2. تعزيز الوازع الديني والتربوي: عبر المساجد والمدارس والإعلام، لغرس القيم الأخلاقية في نفوس الناس.
3. رقابة أسرية ومجتمعية: فلا يترك الأطفال في أماكن غير آمنة، ولا بد من تعليمهم كيفية حماية أنفسهم من أي خطر محتمل.
4. حملات توعية وتحذير: لخلق وعي مجتمعي بخطورة مثل هذه الجرائم، وكيفية التعامل معها.
وأخيرًا.. هل من صحوة؟
ما لم يكن هناك وقفة جادة من المجتمع بأسره، فإن هذه الكوارث ستتكرر، وسندفع جميعًا الثمن. نسأل الله أن يحفظ أبناءنا، وأن يعجل بالقصاص العادل، وأن يردع كل من تسول له نفسه انتهاك الأعراض.
“إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ” [البروج: 12].
نسأل الله السلامة والعافية وأن يحفظنا جميعاً من كل سوء وشر