التهجير إلى سيناء: خيار استراتيجي أم تصعيد عسكري؟

د/حمدان محمد
خلال الساعات الأخيرة، شهدت مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة تطورات خطيرة، حيث سيطرت الفرقة 36 المدرعة الإسرائيلية بالكامل على المدينة بعد إخلائها من السكان، وهو ما يمثل تغييراً غير مسبوق في تموضع هذه الفرقة التي لم يسبق لها العمل في جنوب القطاع.
ويبدو أن السيناريو الإسرائيلي يسير نحو فتح ممرات تهجير باتجاه سيناء، حيث ينتظر وصول فرقتين مدرعتين إضافيتين للمساهمة في تأمين هذه الممرات. وفي الوقت ذاته، تم حصر الفلسطينيين في مدينة المواصي الواقعة جنوب غرب قطاع غزة، تمهيداً لنقلهم تجاه الحدود المصرية.
وتزامناً مع التصعيد الإسرائيلي، تشهد المنطقة حشداً عسكرياً أمريكياً مكثفاً في قاعدة العديد القطرية وقاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، حيث تمركز حوالي 4000 جندي أمريكي، بالإضافة إلى وجود 7 قاذفات B2 الشبحية. وعلى الرغم من أن الهدف المعلن لهذا الحشد هو ضرب إيران، إلا أن الواقع يشير إلى أن جزءاً كبيراً منه موجه لدعم إسرائيل في حالة تحرك مصر عسكرياً لوقف مخطط التهجير.
كما يتواجد في المنطقة حاملة طائرات أمريكية في البحر الأحمر، ومن المتوقع وصول حاملتين إضافيتين لتعزيز التواجد العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط.
ولكن من المهم الإشارة إلى أن مخطط التهجير الإسرائيلي إلى سيناء ليس جديداً، حيث ظهرت هذه الاستراتيجية في دراسات إسرائيلية منذ سنوات كجزء من رؤية أوسع لحل النزاع عبر تهجير الفلسطينيين. ولكن هذه الخطوة، إن تمت، ستشكل تحدياً أمنياً كبيراً لمصر، ليس فقط بسبب التبعات الإنسانية، بل لكونها قد تؤدي إلى وجود كيان فلسطيني جديد على حدودها الشرقية.
ولكن منذ بداية الأزمة، عبرت القيادة المصرية عن رفضها لفكرة التهجير إلى سيناء بشكل واضح. كما أكدت مصر في عدة مناسبات على أهمية الحفاظ على الحقوق الفلسطينية وعدم المساس بوحدة الأراضي. ومع تزايد الضغوط الإقليمية والدولية، سيكون الموقف المصري حاسماً في تحديد معالم المرحلة المقبلة.
ومن غير المرجح أن تقبل القيادة المصرية بمخطط التهجير إلى سيناء، نظراً لحساسية الموقف والتداعيات الاستراتيجية الخطيرة على الأمن القومي. ومع ذلك، فإن قرار المواجهة العسكرية يتطلب دراسة متأنية للوضع الإقليمي والدولي، خاصة في ظل التوازنات المعقدة التي تفرضها التحالفات الغربية.
ولنعلم جميعاً بأن المشهد يزداد تعقيداً مع مرور الوقت، وتبقى الأنظار متجهة نحو القرار المصري في هذه اللحظة الفاصلة. على القيادة المصرية أن تزن خياراتها جيداً بين حماية أمنها القومي والحفاظ على الاستقرار الإقليمي، في ظل ضغوط دولية وإقليمية متزايدة.