الأدب

كل ما لا نقوله، يصرخ بداخلنا

بقلم/ سالي جابر 

في زحمة الحياة، وبين جدران الصمت التي نرفعها بإرادتنا أو رغمًا عنا، نخبئ كلمات كثيرة.
لا نقول ما نشعر به، لا نعترف بما يؤلمنا، لا نُفصح عن الأسئلة التي تنهشنا كل مساء.
نبتسم حين يجب أن نبكي، ونقول “أنا بخير” فيما القلب مثقل بالنداءات التي لا تصل.

كل ما لا نقوله لا يموت… بل يتحول إلى صوت خفي، يهمس لنا في وحدتنا، يتجسّد في نظراتنا، في اضطراب نومنا، وفي الثقل الذي لا تفسير له على صدورنا.
الصمت لا يُنقذنا دائمًا، بل يخلق سجونًا نُعذّب فيها أنفسنا باسم التماسك والقوة؛ لكن… لماذا نصمت؟
هل هو الخوف؟ أم الضعف؟ أم شعور داخلي بأن لا أحد سيُصغي؟
وهل نكبت الكلمات لأننا نخشى نتائجها؟ أم لأننا لا نملك الشجاعة لنواجه أنفسنا بها قبل أن نُواجه بها الآخرين؟

أحيانًا، يصبح الكلام شفاءّ، وأحيانًا، نحتاج أن نجد من نستطيع أن نكون أمامه صادقين، عراة من المجاملات، ضعفاء بلا خجل؛ لأن كل ما لا نقوله، لا يختفي…
بل يصرخ… يصرخ بداخلنا، حتى نصبح غرباء عن أنفسنا.

لهذا… حين تشعر بثِقل لا تعرف مصدره، ابحث في الصمت الطويل الذي ارتديته.
حين تكتشف أنك لم تعد تفهم نفسك، فتّش بين الكلمات التي لم تُقَل، والدموع التي حبستها، والمواقف التي مرّت بك كالعاصفة، ومررتَ أنت بعدها كأنك لم تُجرَح.

ربما لا نحتاج دائمًا إلى من يسمعنا، بقدر ما نحتاج إلى أن نسمح لأرواحنا أن تنطق.
أن نمدّ يدًا داخل أعماقنا، ونقول لأنفسنا أخيرًا: “أنا أراك، وأسمعك… فتكلم.”

لأن كل ما لا نقوله، لا يصمت…
بل ينتظر أن نمنحه اسمه…
حتى يهدأ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى