د. إيمان بشير ابوكبدة 

شهدت العاصمة الصينية بكين اجتماعًا غير مألوف لأبرز خصوم الولايات المتحدة، حيث اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ وزعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون. التُقطت لهم صورة خلال العرض العسكري الذي أُقيم بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصار الصين على اليابان في الحرب العالمية الثانية.

الصورة، التي جلس فيها بوتين وكيم على جانبي شي، أثارت جدلًا واسعًا، إذ اعتبرها الكثيرون رسالة قوية إلى الغرب، خاصة الولايات المتحدة، مفادها أن هناك تحالفًا جديدًا قد يتشكل لمواجهة الهيمنة الغربية. هذا المشهد لم يمر مرور الكرام على الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي عبّر عن غضبه في منشور على منصته “تروث سوشال”، متهمًا الزعماء الثلاثة بالتآمر ضد بلاده.

رفض الهيمنة الأحادية

يرى المحللون أن هذا اللقاء يخدم أهدافًا متعددة للزعماء الثلاثة. فبالنسبة للرئيس الصيني شي جين بينغ، يمثل هذا التجمع فرصة لتأكيد مكانة الصين كقوة عالمية محورية تسعى إلى تغيير النظام الدولي. وفي هذا الصدد، قال رايان هاس، مدير مركز جون إل. ثورنتون للصين في مؤسسة بروكينغز، إن حضور قادة مثل بوتين وكيم في هذا العرض هو دليل على تقدم الصين في تحقيق أهدافها.

كما يرى بعض المحللين أن شي يسعى من خلال هذا العرض العسكري إلى إظهار نفسه كقوة عالمية قادرة على التأثير في قرارات مهمة مثل إنهاء الحرب في أوكرانيا، لكن دون الخضوع للقواعد الغربية. هذا الموقف يعكس رفض بكين للهيمنة الأحادية، وهو ما أكده شي مرارًا في خطاباته، مشددًا على أن بلاده لا تخشى تحدي قواعد الغرب.

رسائل قوية وغضب ترامب

يبدو أن هذه الرسائل الدبلوماسية وصلت بوضوح إلى دونالد ترامب. ففي منشوره الساخر على “تروث سوشال”، كتب ترامب مهنئًا الرئيس شي والشعب الصيني، قبل أن يضيف بنبرة لاذعة: “أرجو منكم إبلاغ أطيب تحياتي لفلاديمير بوتين وكيم يونغ أون بينما تتآمرون ضد الولايات المتحدة”.

خلال العرض العسكري، ألقى الرئيس الصيني شي خطابًا أمام حشد ضخم في ميدان تيانانمن، أكد فيه أن البشرية تواجه خيارًا حاسمًا بين “السلام والحرب، الحوار والمواجهة”، مشددًا على أن الصين تقف “بحزم في الجانب الصحيح من التاريخ”.

 يُعتبر هذا العرض الضخم، الذي أتى في ظل التوترات التجارية التي فرضها ترامب، استعراضًا للقوة العسكرية الصينية ونفوذها الدبلوماسي، ما يؤكد أن بكين تسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كقوة عالمية رئيسية.