كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة 

تعتبر الغدة الدرقية غدة صماء أساسية، تقع في الجزء الأمامي من الرقبة، وتنتج هرمونات مهمة، مثل هرمون الثيروكسين (T_4) وثلاثي يودوثيرونين (T_3). هذه الهرمونات لها تأثير كبير على التمثيل الغذائي (الأيض) في الجسم، الذي يشمل كل العمليات التي تحول الطعام إلى طاقة.

العلاقة بين أمراض الغدة الدرقية والتمثيل الغذائي

تلعب هرمونات الغدة الدرقية دورًا محوريًا في تنظيم سرعة عملية التمثيل الغذائي في الجسم. أي خلل في إنتاج هذه الهرمونات يؤدي إلى تأثيرات مباشرة على كيفية استخدام الجسم للطاقة، مما يسبب أعراضًا مختلفة. هناك نوعان رئيسيان من أمراض الغدة الدرقية:

قصور الغدة الدرقية

السبب: يحدث عندما لا تنتج الغدة الدرقية كمية كافية من الهرمونات.

التأثير على التمثيل الغذائي: يؤدي إلى تباطؤ في عملية الأيض، مما يجعل الجسم يستهلك طاقة أقل.

الأعراض الشائعة

زيادة الوزن غير المبررة.

الشعور بالتعب والنعاس المستمر.

الشعور بالبرد أكثر من المعتاد.

جفاف الجلد والشعر.

الإمساك.

تباطؤ في ضربات القلب.

الاكتئاب وتقلب المزاج.

فرط نشاط الغدة الدرقية 

السبب: يحدث عندما تنتج الغدة الدرقية كمية كبيرة من الهرمونات.

التأثير على التمثيل الغذائي: يؤدي إلى تسريع عملية الأيض، مما يجعل الجسم يستهلك طاقة بسرعة.

الأعراض الشائعة

فقدان الوزن غير المبرر على الرغم من زيادة الشهية.

سرعة في ضربات القلب (خفقان).

التعرق المفرط والشعور بالحرارة.

العصبية والقلق والأرق.

رعشة في اليدين.

صعوبة في التركيز.

جحوظ العينين (في بعض الحالات مثل داء غريفز).

أمراض شائعة في الغدة الدرقية

هناك عدة حالات مرضية يمكن أن تؤثر على وظائف الغدة الدرقية، ومن أبرزها:

داء هاشيموتو: هو اضطراب مناعي ذاتي يهاجم فيه الجهاز المناعي الغدة الدرقية، مما يؤدي إلى التهابها وقصورها في النهاية. وهو السبب الأكثر شيوعًا لقصور الغدة الدرقية.

داء غريفز: هو أيضًا اضطراب مناعي ذاتي، لكنه يحفز الغدة الدرقية على إنتاج كمية مفرطة من الهرمونات، مما يسبب فرط نشاطها.

تضخم الغدة الدرقية: هو تضخم غير طبيعي للغدة الدرقية، وقد يحدث بسبب نقص اليود في الغذاء، أو كعرض لقصور أو فرط نشاط الغدة.

عقيدات الغدة الدرقية: هي كتل تظهر على سطح الغدة الدرقية، معظمها حميدة، ولكن يجب فحصها للتأكد.

سرطان الغدة الدرقية: وهو أقل شيوعًا، ويعالج عادة بالجراحة والعلاج باليود المشع.

التشخيص والعلاج

يتم تشخيص أمراض الغدة الدرقية عادة من خلال فحص الدم لقياس مستويات الهرمون المنبه للغدة الدرقية (TSH)، وهرمونات الغدة الدرقية (T_4 و T_3). قد يشمل التشخيص أيضًا الموجات فوق الصوتية للغدة الدرقية.

يعتمد العلاج على نوع الحالة:

للقصور: غالبًا ما يتم العلاج بتناول دواء هرمون الثيروكسين الاصطناعي (مثل ليفوثيروكسين) لتعويض النقص.

للفرط: قد يشمل العلاج الأدوية المضادة للغدة الدرقية، أو اليود المشع، أو الجراحة لإزالة جزء من الغدة.

من المهم استشارة طبيب متخصص في الغدد الصماء لتحديد التشخيص الصحيح وخطة العلاج المناسبة.

النظام الغذائي

يعتبر النظام الغذائي داعمًا ومساعدًا في إدارة أمراض الغدة الدرقية، لكنه لا يحل محل العلاج الطبي. تهدف النصائح الغذائية إلى دعم وظيفة الغدة وتقليل الأعراض المصاحبة.

نظام غذائي لقصور الغدة الدرقية 

في حالة قصور الغدة الدرقية، يتباطأ الأيض، وقد تظهر أعراض مثل زيادة الوزن والإرهاق. يمكن للنظام الغذائي أن يساعد في تسريع الأيض وتحسين الطاقة.

الأطعمة الغنية باليود: اليود ضروري لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية. يمكن الحصول عليه من الأسماك والمأكولات البحرية، ومنتجات الألبان، والبيض، وملح الطعام المدعم باليود.

الأطعمة الغنية بالسيلينيوم: يساعد السيلينيوم في تحويل هرمون T_4 إلى شكله النشط T_3 وله خصائص مضادة للأكسدة. مصادره تشمل المكسرات البرازيلية، التونة، البيض، والبقوليات.

الأطعمة الغنية بالزنك: الزنك ضروري لإنتاج الهرمونات الدرقية. يوجد في المحار، الدجاج، اللحم البقري، والبقوليات.

الأطعمة الغنية بفيتامين ب: خاصة فيتامين ب12، الذي غالبًا ما يكون منخفضًا لدى مرضى قصور الغدة الدرقية. مصادره تشمل اللحوم، الأسماك، والدواجن.

الأطعمة الغنية بالألياف: الألياف تساعد على تحسين الهضم، وهو أمر مهم لأن قصور الغدة الدرقية يمكن أن يسبب الإمساك.

أطعمة يجب التقليل منها

الأطعمة الغنية بالجلوتين: قد يؤدي الجلوتين إلى تفاقم التهاب الغدة لدى بعض الأشخاص، خاصة المصابين بداء هاشيموتو.

الأطعمة الصليبية النيئة: مثل البروكلي، والقرنبيط، والملفوف. هذه الخضراوات تحتوى على مواد قد تؤثر على وظائف الغدة الدرقية إذا تم تناولها بكميات كبيرة وهي نيئة. يفضل طهيها لتقليل تأثيرها.

فول الصويا: قد يؤثر على امتصاص دواء الغدة الدرقية (ليفوثيروكسين)، لذلك يفضل تناول الصويا ومشتقاتها بعد عدة ساعات من تناول الدواء.

نظام غذائي لفرط نشاط الغدة الدرقية 

في حالة فرط نشاط الغدة، يكون الأيض سريعًا، مما يؤدي إلى فقدان الوزن. يهدف النظام الغذائي إلى تقليل الأعراض ودعم الصحة العامة.

الأطعمة منخفضة اليود: اليود يزيد من إنتاج هرمونات الغدة الدرقية، لذا يُنصح بتقليل الأطعمة الغنية به.

الأطعمة المسموح بها: البيض، الملح غير المدعم باليود، الفواكه والخضراوات الطازجة، زيت الزيتون.

 الأطعمة التي يجب تجنبها أو تقليلها: المأكولات البحرية، الأعشاب البحرية (مثل الكيلب)، منتجات الألبان، الملح المدعم باليود.

الأطعمة الغنية بفيتامين د والكالسيوم: فرط نشاط الغدة يمكن أن يؤثر على صحة العظام، لذا من المهم تناول مصادر الكالسيوم مثل السبانخ، واللفت، واللوز، وعصائر الفواكه المدعمة.

الأطعمة الغنية بالحديد: نقص الحديد شائع لدى مرضى فرط نشاط الغدة. مصادره تشمل اللحوم، البقوليات، والحبوب الكاملة.

ملاحظات هامة

الأدوية: لا تتناول مكملات غذائية أو أطعمة معينة دون استشارة الطبيب، خاصة إذا كانت قد تتفاعل مع دواء الغدة الدرقية.

التوقيت: إذا كنت تتناول دواء ليفوثيروكسين، فمن المهم أن تأخذه على معدة فارغة في الصباح، وانتظر على الأقل 30-60 دقيقة قبل تناول الطعام أو القهوة، و4 ساعات قبل تناول أي مكملات تحتوي على الكالسيوم أو الحديد.

التنوع: يجب أن يكون نظامك الغذائي متوازنًا وغنيًا بالعناصر الغذائية الأساسية لضمان صحة جيدة.

استشر طبيبك أو أخصائي تغذية لوضع خطة غذائية مناسبة لحالتك الفردية.